عن النجاسة غالبا، ونحن قد هدمنا في المسائل السابقة بنيان هذا الكلام، وحققنا أن مجرد الاغتذاء بالنجاسات لا يقتضي منعا - ولو بنحو الكراهة - ما لم يحصل الملاقاة حال وجود النجاسة في المنقار ونحوه، فيمتنع الاستعمال حينئذ لا أنه يكره.
وبالجملة هذا القول لضعف مستنده مما لا ينبغي المصير إليه، كيف والنصوص الواردة عن امناء الشرع عموما وخصوصا قاضية بخلافه، ألا تنظر إلى ما تقدم من العمومات النافية للبأس عن سؤر ما يؤكل لحمه، وخصوص رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال: " فضل الحمامة والدجاجة لا بأس به، والطير " (1).
وموثقة عمار المتقدمة أنه سئل عن ماء شربت منه الدجاجة؟ " قال: إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب، وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب " (2).
وعن التهذيب أنه ذكر ذلك وزاد: " وكلما يؤكل لحمه فليتوضأ منه " (3).
لكن الإنصاف بضابطة ما ذكرنا سابقا من أن نفي البأس في نظاير المقام لا يفيد إلا نفي الحرج من نجاسة أو حرمة، كما أن الأمر بالشرب والتوضأ لا يفيد إلا الإرشاد إلى انتفاء الماهية المقتضية للمنع من نجاسة ونحوها، لا يمكن التعويل في نفي الكراهة على هذه الأخبار.
فالأولى أن يستند إلى الأصل، مع ضميمة ضعف مستند القول بالكراهة إن كان هو الاعتبار المتقدم، فتأمل جدا.
المسألة العاشرة: نص المحقق في الشرائع (4) والشهيد في الدروس (5) بكراهية سؤر الحية، كما عن التحرير (6)، والقواعد (7)، والإرشاد (8)، وظاهر الذكرى (8) (9)، وعن البيان (10)،