معلق على وصفي الكرية والوحدة - حسبما قررناه - فلابد حينئذ من الاتصال بقدر ما يجمع معه الوصفان؛ على معنى أن يصدق الوحدة عرفا على الماء النجس مع الكر الملقى عليه وغيره، ولو مع القول بعدم اشتراط الممازجة ولا المساواة في عدم انفعال الكر.
ومنه يظهر الضعف في حكم الصورة الرابعة، فإن مجرد الزوال غير كاف في الطهر لو فرض حصوله بما دون الكر أو ببعضه، لما تبين سابقا من أن الكرية إنما اعتبرت لا لزوال التغير، واعتبار زوال التغير المصرح به في كلامهم ليس من جهة أنه بنفسه مقتض للطهر كما قيل به في الكر أو الجاري المتغير؛ بل من جهة أن وجوده وبقاءه مانع عن حصول الطهر بالكر؛ وإذ قد عرفت أن الكر بشرط اتحاده مع النجس مناط للحكم فلابد من اعتبار الدفعة أو الاتصال الرافعين للتمييز بين الماءين، سواء زال التغير بدون ذلك أو لا، وسواء أهملنا اعتبار الممازجة والمساواة أو لا.
فصار محصل المقام: أن الدفعة بالمعنى الشامل للاتصال الرافع للتمييز مما لا محيص عنه في كل التقادير؛ ومن هنا وردت الفتاوى في اعتبار الدفعة مطلقة، ولا يقدح في اعتبارها من جهة الإجماع على الملازمة الثالثة عدم ورود اعتبارها في كلام بعضهم، أو تصريحه بعدم الاعتبار، لأن ذلك مخالفة - على فرض تحققها واستقرارها - ترجع إلى أمر صغروي وهو أن الوحدة ربما تحصل بدون الدفعة، فإنا أيضا نوافق على هذه الدعوى على تقدير صدق الفرض وصحته؛ ضرورة أن الدفعة إنما نعتبرها توصلا إلى إحراز الوحدة لا تعبدا.
وثانيها: النظر في اعتبار الامتزاج وعدمه، فإنه أيضا مما اختلفت فيه كلمة الأصحاب، وقد عرفت عن العلامة في المنتهى (1) التصريح بكفاية الاتصال في مسألة الغديرين عند دفع كلام المحقق، وعزى إليه أيضا في التحرير (2) والنهاية (3)، وهو محكي عن المحقق والشهيد الثانيين (4)، وهو ظاهر المحقق في الشرائع (5) حيث أطلق إلقاء