عرفت عن السيد (1) من إنكاره وجود نص من الأصحاب ولا قول صريح لهم في ذلك.
المقام الثاني:
في مستثنيات قاعدة الانفعال مما هو محل وفاق وما هو محل خلاف، وقبل الخوض فيها ينبغي الإشارة إلى دقيقة ينكشف بها بعض الفوائد والغفلات، وهي أنك قد عرفت مما سبق - من أول المسألة إلى مقامنا هذا - أن قاعدة انفعال القليل بالملاقاة مطلقا، يقابلها أقوال حدثت فيما بين العلماء.
أحدها: قول العماني بعدم انفعاله مطلقا.
وثانيها: قول السيد بعدم انفعاله إذا كان واردا على النجاسة.
وثالثها: عدم نجاسة الغسالة الحاصلة من النجس.
ورابعها: عدم سراية النجاسة من أسفل الماء إلى أعلاه ولو قليلا، وهذا قول إجماعي في الجملة على ما حكي، ولا ريب أن كلا من هذه الأقوال ناظر إلى جهة تطرأ القليل من غير الجهة الطارئة له بالنظر إلى قول آخر، فالقليل مما يطرئه جهات متكثرة نشأت من كل جهة قول، غير أن هذه الجهات قد تجامعه في بعض فروضه، وقد تفارق بعضها بعضا في البعض الآخر من الفروض، وتوضيح ذلك: أن القليل الوارد على النجاسة عاليا كان أو غير عال له صور.
منها: ما لو ورد على النجاسة واستعقب طهر المحل وانفصل عنه بعد وروده، فذلك الماء المنفصل حينئذ مما يلحقه حكم الطهارة قبالا للحكم عليه بالنجاسة من جهات، بحسب الأقوال الناشئة عن تلك الجهات، للزومه أن يقول بطهارته العماني لما يراه من عدم انفعال القليل بملاقاة النجاسة في جميع أحواله، وأصحاب القول بطهارة الغسالة لكونه من أفرادها، والسيد لكونه من أفراد الماء الوارد على النجاسة.
ومنها: ما لو ورد على النجاسة من غير أن يستعقب طهارة المحل، انفصل عنه أو لم ينفصل مستعليا كان أو غيره، وهذا مما يتمشى فيه قولا العماني والسيد، فما سبق إلى بعض الأوهام من أن القول بالفرق بين الورودين مبني على القول بطهارة الغسالة،