باشتراط الكرية (1)، ومن هنا نشأ توهم المدافعة بين مذهبه هذا واحتجاجه في المنتهى - على ما تقدم - عنه من القضية بأن: " الحكم تابع للوصف فيزول بزواله، ولأن الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه والمتغير مستهلك " (2)، وهو في محله ظاهرا وإن نقل عن كاشف اللثام ما يدفعه في زعمه من " أن ذلك مبني على اعتبار الدفعة في إلقاء الكر المطهر، وقد عرفت أن معناها الاتصال وهو متحقق في النابع، وأما منبع الأنهار الكبار الذي ينبع الكر أو أزيد منه دفعة فلا إشكال فيه.
نعم ينبغي التربص في العيون [الصغار] وفيما لا ينبع الكر فصاعدا [متصلا]، إذ ربما ينقطع في البين فينكشف عدم اتصال الكر " (3) إلى آخره، فإن ذلك - مع ما فيه من الحزازات التي يظهر بعد التأمل - توجيه لما ذكر بما لا يرضى به صاحبه، كيف وقد عرفت عن العلامة التصريح بما يقضي بعدم كفاية مجرد الاتصال هنا.
وعلى أي حال كان فدليل طهر الماء بما عرفت من التدافع المزيل للتغير المحصل للممازجة هو ما تقدم من الملازمة المجمع عليها.
وقد يستدل عليه بمرسلة الكاهلي: " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (4) وقد سمعت منع ذلك غير مرة، وبصحيحة محمد بن بزيع " ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا ما غير طعمه أو ريحه، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لأن له مادة " (5) بناء على حجية العلة المنصوصة القاضية هنا بتعدي الحكم إلى كل ذي مادة، وإنما يستقيم ذلك لو لم يكن العلة راجعة إلى زوال التغير المقصود بها بيان الملازمة بينه وبين النزح وقد تقدم منعه.
المرحلة الثالثة: (6) في تطهير البئر، وهو على المختار من عدم انفعاله بمجرد الملاقاة مما لا يحتاج إليه إلا في صورة التغير، فطهرها حينئذ بنزحها إلى أن يزول