المتواترة عن ظواهرها في غاية الإشكال، وأشكل منه مخالفة من تقدم من الأساطين، بل الشهرة على فرض تحققها كما حكيت، فالاحتياط في مثله مما لا ينبغي تركه جدا.
نعم وجوب قبول قول المالك في نجاسة إنائه، أو كل ما يتعلق به، مما لا ينبغي التأمل فيه كما عرفت، آخذا بموجب جملة من الروايات المتقدمة، مضافة إلى ما حكاه في الحدائق (1) عن الحميري في قرب الأسناد عن عبد الله بن بكير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أعار رجلا ثوبا فصلى فيه وهو لا يصلي فيه قال: " لا يعلمه " قلت: فإن أعلمه، قال: " يعيد " (2) وفي معناه أخبار اخر.
المطلب الرابع: لا أعرف خلافا في قيام الاستصحاب بالقياس إلى النجاسة مقام العلم بها، فتحرز به النجاسة حيثما كان جاريا، كما تحرز بالعلم وبغيره مما يقوم مقامه، بل هو المعلوم ضرورة من سيرة العلماء، ويدل عليه عموم الأخبار المستفيضة الواردة في باب الاستصحاب المشتملة على أن اليقين لا ينقض بالشك، بناء على أن المراد بعدم نقض اليقين عدم نقض المتيقن، أي رفع اليد عما كان متيقنا إلى أن يحصل اليقين بارتفاعه، وهذه الأخبار وإن كان أعم من أخبار الباب المتقدمة موردا و مفهوما، بل أعم من جميع الأدلة، غير أنها كأدلة العسر والحرج في مواردها واردة بحكم فهم العرف على سائر الأدلة، وحاكمة عليها في اقتضاء كون الواقع مما يحرز بالعلم، أو أن العلم داخل في موضوع الحكم، فتكون مفادها أن الاستصحاب حيثما يكون جاريا يقوم مقام العلم في كل ما هو شأنه، فإن كان العلم في موارد اعتباره معتبرا من باب الطريقية إلى الواقع فيقوم مقامه الاستصحاب، ومرجعه بعد الجمع بين مفادي الأدلة الحاكمة والمحكوم عليها إلى أن الواقع ما يحرز بأحد الأمرين: من العلم، أو الحالة المتعقبة له مما لم يبلغ رتبة العلم بالخلاف.
وإن كان العلم في موارد اعتباره معتبرا من باب الموضوعية - على معنى كون العلم داخلا في موضوع الحكم جزءا منه - فيقوم مقامه الاستصحاب، ومرجعه - بعد الجمع - إلى أن موضوع الحكم أحد الأمرين: من العلم، أو الحالة المتعقبة له الغير البالغة حد