القائلون بإلهية علي (عليه السلام) أو أحد من الأئمة، والنواصب وهم المبغضون لأهل البيت (عليهم السلام) كما في المدارك (1)، أو المعلنون لعداوتهم (عليهم السلام) كما في حاشية الشرائع للشيخ علي، أو غير آدمي كالكلب والخنزير، بل إجماعاتهم المنقولة على ذلك مستفيضة، ومصنفاتهم من نفي الخلاف والإشكال مشحونة، ولو وجد خلاف في سؤر بعض ما حكم بنجاسته في الجملة من أفراد موضوع تلك القاعدة فهو راجع إلى الصغرى، وهي نجاسة ذي السؤر أو طهارته من آدمي كاليهود والنصارى والمجسمة والمجبرة وولد الزنا وكل مخالف للحق، أو غير آدمي كالمسوخ من القرد والذئب والثعلب والأرنب، فإن المنقول عن المفيد (2) في أحد قوليه طهارة اليهود والنصارى، وهو مذهب ابن الجنيد (3) في مطلق أهل الكتاب، والباقون على النجاسة، وعن الشيخ في المبسوط (4) نجاسة المجسمة والمجبرة، ووافقه جماعة (5) على نجاسة المجسمة، وعن المرتضى (6) وابن إدريس (7) القول بكفر ولد الزنا، وعن جماعة كفر المخالفين، بل هو المشهور بين المتقدمين كما في الحدائق (8)، وعن الشيخ (9) نجاسة المسوخ، والكلام في جميع هذه الأقسام موكول إلى محله فيأتي إن شاء الله.
المسألة الثانية: المشهور المدعى عليه الإجماع أن كلما حكم عليه بالطهارة شرعا من الحيوانات فسؤره طاهر، على عكس القاعدة المتقدمة، وعزى ذلك إلى عامة من تأخر، بل عن الغنية (10) والخلاف (11) الإجماع عليه، وهو صريح السرائر - في عبارة محكية له - في باب الأطعمة والأشربة قائلا: " فأما ما حرم شرعا فجملته إن الحيوان ضربان: طاهر ونجس، فالنجس الكلب والخنزير، وما عداهما كله طاهر في حال حياته، بدلالة إجماع أصحابنا، المنعقد على أنهم أجازوا شرب سؤرها في حال الوضوء منه، ولم يجوزوا في الكلب والخنزير " (12).