ينبوع لا ينجس البئر بالبالوعة، قربت منها أم بعدت ما لم يعلم بتغيرها بما فيها إذا كان نجاسة عينية، على المختار من عدم انفعالها بمجرد الملاقاة أو بملاقاة ما فيها لها، وإن لم يكن نجاسة عينية على القول الآخر، ولا يكفي فيهما الظن المطلق بتحقق السبب، والكلام في كل هذه المطالب وأدلتها قد تقدم، ويدل على المختار أو يؤيده رواية محمد بن القاسم عن أبي الحسن (عليه السلام) في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع وأقل وأكثر يتوضأ منها؟ قال: " ليس يكره من قرب ولا بعد، يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء " (1).
وعلى القول الآخر يؤول الرواية إلى أن التغير إنما اعتبر هنا أمارة غالبية على الملاقاة، لا لقصر الحكم على التغير ليخرج عنه الملاقاة المطلقة.
والبالوعة: ثقب في وسط الدار كما في المجمع (2)، وعن الصحاح أيضا (3)، أو بئر يحفر ضيق الرأس يجري فيها ماء المطر ونحوه كما عن القاموس (4)، أو مجمع ماء النزح كما في الروضة (5)، أو مرمى مطلق النجاسات كما عن الروض (6)، أو ما يرمى فيه ماء النزح أو غيره من النجاسات كما في المدارك (7)، وهو الأجود.
وعلى أي معنى فحكموا بأنه تستحب التباعد بينها وبين البئر واتفقوا عليه، وإن اختلفوا في تحديد ما ينبغي بينهما من البعد، فعن المشهور - مع استفاضة حكاية الشهرة فيه - أنه بخمسة أذرع مع صلابة الأرض أو فوقية البئر، وبسبعة أذرع مع انتفاء الأمرين.