أحدهما: الحسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم المروي في الكافي عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: " وإن استيقن أنه قد أصابه شئ ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله " (1).
وثانيهما: خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال:
" وإن علم أنه قد أصاب جسده ولم يعرف مكانه فليغسل جسده كله " (2).
وجه الاستدلال بهما: أنه لو كان الاشتباه صالحا لرفع النجاسة أو أحكامها لم يكن للأمر بغسل الثوب كله ولا للأمر بغسل الجسد كله وجه، نعم لا ينهض ذلك حجة على من جوز الارتكاب في غير ما يحصل معه مباشرة الجميع.
والأخبار الآمرة في الثوبين المشتبهين بالصلاة فيهما معا، التي منها حسنة صفوان بن يحيى عن الصادق (عليه السلام) أنه كتب إليه يسأله عن رجل كان معه ثوبان، فأصاب أحدهما بول، ولم يدر أيهما هو؟ وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء، كيف يصنع؟ قال: " يصلي فيهما " (3).
وعن الصدوق في الفقيه: أنه بعد نقل الرواية قال: " يعني على الانفراد " (4) والتقريب في الاستدلال بها نظير ما مر، مع قيامه حجة على من جوز الارتكاب بغير ما يحصل معه مباشرة الجميع، وفيها دلالة على المطلوب من وجه آخر وهو: كون وجوب الغسل في تلك الصورة مع وجود الماء معتقدا للسائل مفروغا عنه لديه، كما يفصح عنه قوله: " وليس عنده ماء " فسئل عما أشكل عليه الأمر وهو الصلاة في تلك الحالة، بقوله: " كيف يصنع "؟ فأجابه الإمام (عليه السلام) بما ينطبق على سؤاله.
والمقصود من إيراد هذه الأخبار التنبيه على أن الناظر فيها وفي غيرها مما نقف عليها بالتتبع يجد أن الشارع في جميع أنواع المشتبه كان بناؤه على إيجاب الاجتناب، وترتيب آثار النجس على جميع أطراف الشبهة.