إذ الخروج عن الشبهة يقتضي المصير إلى ما يلازم الترك وليس إلا الاحتياط، والكراهة ليست منه وإلا كانت تحريما.
نعم، على الاكتفاء في قاعدة التسامح بمجرد فتوى الفقيه - خصوصا إذا صدرت عن الجمهور - اتضح حكم المسألة من حيث الكراهة غاية الوضوح كما لا يخفى.
وأما السنور فمقتضى فتوى غير واحد من الأصحاب مع ملاحظة ما ورد فيها من الأخبار الكثيرة النافية للبأس عن سؤره، الحاكمة عليه بكونه من أهل البيت، الآمرة باستعمال سؤره شربا ووضوءا وغيره مع أنواع التأكيدات انتفاء الكراهة عن سؤره، بل قد يستظهر من الأخبار فضل ذلك السؤر، ففي الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في الهرة أنها من أهل البيت ويتوضأ من سؤرها " (1) وفي آخر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في كتاب علي (عليه السلام) " أن الهر سبع، ولا بأس بسؤره، وإني لأستحيي من الله أن أدع طعاما لأن الهر أكل منه " (2).
وفي ثالث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الكلب يشرب من الماء؟ قال:
" اغسل الإناء ". وعن السنور؟ قال: " لا بأس أن تتوضأ من فضلها، إنما هي من السبع " (3).
وفي رواية أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " كان علي (عليه السلام) يقول: لا تدع فضل السنور أن تتوضأ [منه]، إنما هي سبع " (4) ويستفاد منها مع سابقتيها ما أشرنا إليها من القاعدة الكلية في السباع، وفي الخبر قال: الصادق (عليه السلام) " إني لا أمتنع من طعام طعم منه لسنور، ولا من شراب شرب منه " (5) وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام)، " إن عليا (عليه السلام) قال: إنما هي من أهل البيت " (6).
المسألة السادسة: في كلام غير واحد كالمحقق والعلامة والشهيد تقييد كراهة سؤر الجلال آكل الجيف المتضمنة لطهارته بصورة خلو موضع الملاقاة عن عين النجاسة.