الكر عدم قبول الكر للانفعال، واتحاد ماء البئر معه بالامتزاج أو مجرد الاتصال على الخلاف المتقدم، وقضية ذلك عدم قبوله النجاسة الخارجية بعد ذلك، فيكفي في اعتصام البئر دائما إلقاء الكر عليه.
ودفع بإمكان أن يقال: أنه إن استهلك به الكر في البئر بعد وقوعه دخل في حكم البئر فيشمله أدلة البئر ويخرج عن مورد أدلة الكر، وحصول التطهر به إنما هو بأول وقوع المطهر، وامتزاج البئر مع شئ منه معتصم به ولا استهلاك في ذلك الآن، وإنما المستهلك هو الواقع بعد انقضاء حالة الوقوع، فلا منافاة بين كونه رافعا وكونه غير دافع، بل وغير معتصم لاختلاف زمانيهما، وإن استهلك البئر بالكر الملقى لقلتها جدا كان لها حكم الكر لعدم صدق البئر عليها حينئذ، وإن شك رجع إلى أصالة عدم استهلاك البئر، أو إلى أصالة عدم الانفعال على اختلاف الأنظار في ذلك.
ولا يخفى ما في التعويل على أول هذين الأصلين، لكونه في الحقيقة ترجيحا للحادث بالأصل ومعه كان أصالة عدم الانفعال واستصحاب الطهارة السابقة سليمتين عن المعارض.
ثم يبقى الكلام على القول بالنجاسة في تطهير البئر عن النجاسة الغير المغيرة بطريق النزح، وله حسبما يستفاد من النصوص المختلفة المتعارضة بعد الجمع بينها مقدرات اعتبرها الشارع على حسب اختلاف أنواع النجاسات، وتفصيل البحث في ذلك يقع في طي مسائل:
المسألة الاولى: ما يوجب نزح الجميع، وهو على ما ضبطه غير واحد من الأصحاب وأفتوا به امور، وهو موت البعير، والثور، ووقوع الخمر وكل مسكر، والفقاع، والمني، وأحد الدماء الثلاث، وفي حكم موت البعير وأخيه وقوعهما ميتين كما تنبه عليه بعض مشايخنا (1)، للقطع باستناد الحكم إلى نجاستهما لا تحقق موتهما في البئر.
ولا ينافيه اشتمال بعض العناوين بالموت الظاهر فيما يتحقق فيها، بعد ملاحظة التنزيل على الغالب.
و " البعير " على ما نقل عن الجوهري (2) وغيره من أئمة اللغة كالنهاية الأثيرية (3)