والمصانع (1) ومياه الأواني المحصورة ومياه الآبار، فأما مياه الغدران والقلبان فإن كان مقدارها مقدار الكر فإنه لا ينجسها شئ، إلا ما غير لونها أو طعمها أو ريحها، وإن كان مقدارها أقل من الكر فإنه ينجسها كل ما وقع فيها من النجاسة، وأما مياه الأواني المحصورة فإن وقع فيها شئ من النجاسات أفسدها، ولم يجز استعمالها ". انتهى ملخصا (2).
وجه الدلالة في ذلك: أنه فصل في الحكم بالنجاسة وعدمها بالنسبة إلى الغدران والقلبان بين ما كان منها قدر الكر وما دونه، وتنحى عن هذا المسلك في خصوص الأواني فأطلق فيها الحكم بالنجاسة، وقضية ما عنه - من أن طريقته في النهاية أنه لا يذكر فيها إلا متون الروايات من غير تفاوت، أو مع تفاوت يسير لا يخل بالمعنى - كون هذه الجملة مضمون الرواية وإن كانت مرسلة.
ولكن يضعفه: ما سبق في منع الاحتجاج بما تقدم من الروايات في تفصيل بيان حجة المفيد والسلار، مع إمكان أن يقال: إن مراده بالأواني خصوص ما لا يسع الكر. كما يفصح عنه الوصف، نظرا إلى أن الحصر مما لا معنى له ظاهرا إلا الضيق - كما هو أحد معانيه المذكورة في كلام أهل اللغة - فيراد بالأواني المحصورة الأواني الضيقة. فليتدبر.
الجهة الثالثة: إذ قد عرفت أن فائدة ما اسسناه في أول عناوين الكتاب من الأصل العام المستنبط عن عمومات طهارة الماء وطهوريته، تظهر فيما لو شك فيهما من جهة الطواري بعد إحراز الإطلاق وصدق الاسم بالتفصيل الذي تقدم بيانه، فهل يجوز إجراء هذا الأصل في مشكوك الكرية وعدمها من جهة الشك في المصداق، كما لو وجد الماء في غدير ابتداء وكان مرددا بين الكر وما دونه، أو في اندراج المشكوك فيه تحت موضوع الكر باعتبار الشبهة في شرطية شئ له، أو للحكم المعلق عليه، كالوحدة والاجتماع وتساوي السطوح ونحوه مما اختلف في اعتباره في الكر موضوعا أو حكما - على ما ستعرف تفصيله - أو لا؟ وجهان:
أولهما: ما يظهر عن الرياض حيث قال - في الكتاب مستدلا على ما اختاره في