هذا الكلام بعينه في الثالثة أيضا.
فالإنصاف: أن إثبات الكراهة هنا من جهة السند في غاية الإشكال، وإن أمكن إثباتها بملاحظة الشهرة.
المسألة الثالثة عشر: في سؤر الحائض الذي اختلفت كلمتهم فيه حكما وإطلاقا، وتقييدا وقيدا، فعن ظاهر المقنع (1)، والشيخ في كتابي الحديث (2) المنع عن التوضؤ به مطلقا، كما عن الأول قائلا بأنه: " لا تتوضأ بسؤر الحائض "، أو " إذا لم تكن مأمونة " (3) كما عن الثاني قائلا - عند رفع التنافي عما بين الأخبار الآتية -: " فالوجه في هذه الأخبار ما فصله في الأخبار الأولة، وهو أنه إذا لم تكن المرأة مأمونة فإنه لا يجوز التوضؤ بسؤرها ".
ثم قال: " ويجوز أن يكون المراد بها ضربا من الاستحباب " (4).
وأما الآخرون فقد أطبقوا على القول بالكراهة في استعماله مطلقا، غير أنه عن مصباح علم الهدى (5) ومبسوط الشيخ (6) القول بها في مطلق الحائض، وعن المعظم القول بها في المقيدة بغير المأمونة (7)، أو بالمتهمة (8)، على الخلاف الآتي في ذلك أيضا.
وقد يمنع مخالفة القولين الأولين للأخيرين، بمنع ظهور لفظ المقنع في الخلاف، فإنه وإن كان بنفسه يفيد التحريم، غير أن الصدوق في الغالب يعبر عن الحكم بلفظ الرواية، والشيخ إنما ذكر ذلك لمجرد الجمع بين الأخبار المتنافية كما هو دأبه في غير المقام، لا أنه ذكره عن اعتقاد، ولذا صرح عقيب ذلك بإبداء احتمال آخر، وهو: " كون المراد بالأخبار الناهية عن التوضؤ بفضل الحائض مطلقا ضربا من الاستحباب " (9).
ومن هنا ترى صاحب المدارك أنه بعد ما نقل الكراهة المطلقة عن مبسوط الشيخ، قال: " وجمع في كتابي الحديث بين الأخبار تارة بالمنع من الوضوء بسؤر غير المأمونة،