ولا نعقل معنى هذه الرواية ولا وجه الاستدلال بها، مع ما فيها من ضعف السند بالإرسال، ولذا أورد عليه: بعد موجود ذلك في كتب الأخبار مع عدم معلومية حال سنده بل وقصور دلالته، لمكان عدم كون متعلق نزح أربعين مذكورا والدلالة موقوفة عليه.
ولا يخفى عليك أن هذا كاف في القدح وإن قلنا بما قيل في دفع الأولين من أن الشيخ ثقة ثبت فلا يضر إرساله، لأنه لا يرسل إلا من الثقات، والقول بأن الظاهر من احتجاجه دلالة صدره على محل النزاع في دفع الأخير مما لا ينبغي الإصغاء إليه، بعد ملاحظة أن الخطاء غير مأمون على المجتهد ولا عبرة باجتهاد الغير.
نعم، هنا رواية اخرى ذكرها العلامة في المختلف (1) عن كتابه المسمى بمدارك الأحكام، وهو ما رواه الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن كردويه قال:
سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول، والعذرة، وأبوال الدواب وأرواثها، وخرء الكلاب؟ قال: " ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة " (2) ولكنه كما ترى لا يرتبط بمحل البحث أولا، وبالقول المذكور ثانيا، وكيف كان فلهم في مسألة ما لا نص فيه أقوال ثلاث:
أحدها: القول بوجوب نزح الجميع، المحكي عن ابن إدريس (3)، وابن زهرة (4)، وعن الغنية (5) الإجماع عليه.
وثانيها: القول بوجوب نزح أربعين، المنسوب إلى بعض الأصحاب (6)، الظاهر من الشيخ (7) فيما عرفت، وعزي إلى العلامة أيضا في بعض كتبه (8)، وإلى الشهيد في شرح الإرشاد (9).
وثالثها: القول بوجوب نزح ثلاثين، المحكي عن السيد جمال الدين بن طاووس في البشرى (10)، وعن الشهيد (11) نفي البأس عنه أيضا.