ينبوع ومما يلحق عندهم بالجاري - بعد إلحاق ماء الحمام به - ماء المطر حال تقاطره من السماء، فلا ينفعل قليله بملاقاة النجاسة ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، والظاهر أنه في الجملة مما لا خلاف فيه، حتى ممن اشترط الكرية في الجاري كالعلامة كما هو المصرح به في كلام جماعة، وإن شئت لاحظ عبارة المنتهى قائلا: " ماء الغيث حال نزوله يلحق بالجاري " (1) مذيلا له في آخر المسألة بقوله: " أما إذا استقر على الأرض وانقطع التقاطر، ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه ما يعتبر في الواقف، لانتفاء العلة التي هي الجريان " (2) ومراده بالجريان الذي أخذه علة نزوله من السماء، كما يأتي منه التصريح به في دفع احتجاج الشيخ على ما صار إليه من اشتراط الجريان من الميزاب.
وقريب من هذه العبارة ما عنه في نهاية الإحكام: " ولا يشترط فيه الجريان من الميزاب، بل التقاطر من السماء كاف، ولو انقطع التقاطر فلاقته النجاسة كان كالواقف " (3) وعنه في التذكرة التصريح بعدم اشتراط الكرية مع التقاطر، واشتراطها مع انقطاعه قائلا:
" لو انقطع تقاطر المطر وفيه نجاسة عينية اعتبرت الكرية، ولا تعتبر حال التقاطر، ولو استحالت عينها قبل انقطاعه ثم انقطع كان طاهرا، وإن قصر عن الكر " (4).
وأنت خبير بأن ما عرفت منه من التشبيه مع انضمام هذا التصريح إليه، لا ينافي ما يراه في الجاري من اشتراط الكرية، لما ذكرناه مرارا في المباحث السابقة من أن التشبيه لا يقتضي إلا المشاركة في الحكم دون علته، والذي يعتبره في الجاري من