الثاني حكم غسالة الحمام، فإنها مما انفرد ذكره في كلام الأصحاب، والتعرض له بالخصوص في هذا الباب، والمراد بها على ما يستفاد من كلماتهم بل هو صريح بعضهم - كالحدائق (1) - ما يجتمع في البئر من ماء الحمام المستعمل في غسلات الناس وصباتهم، ويظهر مما حكي عن الأردبيلي (2) من استدلاله على الطهارة - بما يأتي ذكره من صحيحة محمد بن مسلم، وموثقة زرارة - كونها أعم منه ومما هو في سطوح الحمام من المياه التي ينحدر منها إلى البئر، وليس ببعيد، إذ ليس المجتمع في البئر إلا المياه المنحدرة إليها، من السطح الجارية إليها من خطوطه المتخذة في السطح لأجل تلك الفائدة، ومعه يبعد الفرق في الحكم بين المجتمع وما هو في السطح وخطوطه، ويمكن القول: بأن المقصود بالعنوان هو الأول، والثاني ملحق به في الحكم لاتحادهما في المناط.
وعلى أي تقدير فلهم فيها عبارات مختلفة، بعضها مصرحة بالطهارة، آخر بالنجاسة، وثالث غير واضح المؤدى من حيث الحكم بالطهارة أو النجاسة، ومع ذلك فلم يرد فيها بالمعنى الأول إلا عدة روايات غير معتبرة الأسانيد متعارضة الدلالات، والتي وقفنا عليها أربع روايات، مضافا إلى ما سنذكرها من الروايات الاخر.
منها: المرسلة الواردة في الكافي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: سئل عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب؟ قال: " لا بأس " (3).
ومنها: ما فيه أيضا من المرسلة بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها غسالة الحمام، فإن فيها غسالة ولد الزنا، ولا يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب وهو شرهما، أن الله لم يخلق خلقا شرا من الكلب، وأن الناصب أهون على الله