والمناقشة في الأولين بما في المدارك (1) من ضعف السند بجماعة من الفطحية مما لا يلتفت إليها، بعد ملاحظة انجبارهما بعمل الأصحاب كافة، وكونهما مما تلقوه بالقبول كما في صريح غير واحد من الفحول، مع ملاحظة موافقة مضمونهما لحكم العقل ومقتضى القواعد والاصول حسبما يأتي بيانها، مع أن الموثق بنفسه مما يفيد الاطمئنان الذي عليه مناط الحجية في الأخبار حسبما قرر في الاصول.
كما لا يلتفت أيضا إلى المناقشة فيها بمعارضة أصالة الطهارة، وأصالة الحلية في الأشياء، والأخبار الدالة على " أن كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه " التي منها: صحيحة عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) " كل شئ يكون فيه حرام وحلال، فهو لك حلال [أبدا] حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه " (2).
ومنها: رواية سليمان (3) قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الجبن؟ فقال: " سألتني عن طعام يعجبني "، ثم أعطى الغلام درهما فقال: " يا غلام ابتع لنا جبنا "، ثم دعى بالغداء فتغدى وتغدينا معه، فأتى الجبن فأكل وأكلنا، فلما فرغنا قلت: ما تقول في الجبن؟
فقال: " تراني آكله "، قلت: بلى ولكني احب أن أسمعه منك، فقال: " سأخبرك من الجبن وغيره، كلما كان فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه [فتدعه] " (4) فإن الأصلين ثابتان في غير نظائر المقام مما لا علم معه بتحقق السبب أصلا، كما يفصح عنه التقييد بغاية العلم في مستند الأصل الأول، وهو الخبر المستفيض المتقدم ذكره مرارا " الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر " (5) و " كل شئ نظيف حتى يعلم أنه قذر " (6) فإن العلم الذي هو منتهى الحكم بالطهارة حاصل في المقام، ودعوى: عدم شمول العلم لما اشتبه معلومه غير مسموعة.
والأخبار المذكورة مع أنها غير صالحة لمعارضة ما سبق، ظاهرة بحكم العرف في