ويؤيده الشهرة والإجماع المنقولان، مضافا إلى أنه مقتضى الجمع بين الروايات المذكورة وبين مرسلة محمد بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لا بأس بأن يتوضأ [الإنسان] بالماء الذي يوضع في الشمس " (1).
لا يقال: مقتضى الرواية الثالثة كالتعليل في الاوليين حرمة استعمال الماء لأن البرص ضرر أخبر به المعصوم، ومن أحكام الضرر أن يجب دفعه ولو كان مما يرجع إلى الدنيا، إذ لا يستفاد منها كونه علة تامة لإيراث البرص، بل غاية ما يستفاد أنه مما من شأنه ذلك، فحين شخص الاستعمال لا يقطع ولا يظن بأنه يؤثر لا محالة، بل قصارى ما هنالك الاحتمال، وهو لا يقضي إلا باستحباب التجنب والاحتياط.
ثم في المقام فروع ينبغي التعرض لها.
الأول: أنه يستفاد من المحقق في ظاهر الشرائع - حيث عبر عن المسألة بأنه:
" تكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في آنية " - (2) اعتبار قصد التسخين في موضوع حكم الكراهة، بل هو صريح الخلاف على ما تقدم عنه من نقل الإجماع، المذيل بقوله:
" إن قصد به ذلك " (3) وصريح المحكي عن السرائر من: " أن ما أسخنته الشمس بجعل جاعل له في إناء، وتعمده لذلك، فإنه مكروه في الطهارتين معا فحسب " (4) وحكي عن ظاهر غير واحد أيضا.
لكن يدفعه: إطلاق الروايات الشاملة لما لا قصد إلى تسخينه، وليس فيها ما يخصصها عدا ما يوهم الرواية الاولى، المشتملة على قوله: " قد وضعت قمقمتها في الشمس "، وفيه: ما لا يخفى.
وأضعف منه الاعتذار لهم بأنه: من جهة الاقتصار فيما خالف الأصل على القدر المتيقن، فإن ذلك إنما يستقيم في موضع الإجمال الذي هو منتف هنا جزما فالإطلاق لا صارف عنه هنا قطعا.