إلى الفرق بينهما فيما لو وقع الكافر حيا في البئر ثم اتفق موته فيها.
ومحصل الفرق: أن ماء البئر يلاقيه نجاسة الكفر سابقة على الموت وهي داخلة في غير المنصوص ولا يشملها حكم الموت، كما سبق تفصيل القول في تحقيقه، بخلاف المقام الذي لم يطرأ الموضوع نجاسة اخرى غير النجاسة البولية.
فاندفع بذلك ما عن صاحب المعالم قائلا: " والتحقيق: أن الحيثية معتبرة في الجميع كما أشرنا إليه في مسألة موت الإنسان، واللازم من ذلك عدم الاكتفاء بالمقدر لحيثيته عند مصاحبة اخرى لها، لما سيأتي من عدم تداخل المنزوحات عند تعدد أسبابها.
ولا ريب أن ملاقاة النجاسة لنجاسة اخرى على وجه مؤثر يوجب لها قوة واعتبارا زائدا على حقيقتها، والدليل الدال على نزح مقدار مخصوص لها غير متناول لما سواها، فكيف يكون كافيا عن الجميع بتقدير الاجتماع " (1) انتهى.
ومحصل الاندفاع: منع اجتماع الحيثيتين من النجاسة أو نجاستين مؤثرتين، حيث لا مقتضي لأحدهما كما عرفت.
المسألة السادسة: فيما ينزح له ثلاثون دلوا، وهو على ما في كلام غير واحد ماء المطر المخالط للبول، والعذرة، وخرء الكلب.
وأصل الحكم مشهور، ونقل الشهرة عليه إلى حد الاستفاضة في كلامهم مذكور، ومستنده الرواية المروية - في التهذيبين وغيرهما - عن ابن أبي عمير عن كردويه، قال:
سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن بئر يدخلها ماء المطر فيه البول، والعذرة، وأبوال الدواب وأرواثها، وخرء الكلاب؟ قال: " ينزح منها ثلاثون دلوا، وإن كانت مبخرة " (2) وضعف الرواية بكردويه لجهالته غير قادح، بعد ملاحظة قضية الانجبار بالشهرة ورواية ابن أبي عمير عنه.
وأما ما عن مبسوط الشيخ من أنه: " متى وقع في البئر ماء خالطه شئ من النجاسات مثل ماء المطر والبالوعة وغير ذلك، نزح منها أربعون دلوا للخبر " (3) فاسد مخالف للنص والفتوى، والخبر المشار إليه مما لم يعرف له أثر.