ينبوع ومن الموضوعات المخصوصة بالعنوان في كتب الأصحاب البئر، لاختصاصها بمزيد الأبحاث، وامتيازها بأحكام مختلفة ناشئة عن اختلاف مواردها والأسباب المقتضية لها، وينبغي قبل الخوض في البحث عن تلك الأحكام صرف النظر في معرفة البئر موضوعا، وهي كما ترى من المفاهيم العرفية التي لا يكاد يخفى أمرها على المتأمل، ويقطع بعدم تغير العرف فيها، واتحاده فيها مع اللغة أو العرف القديم المتناول لعرف نفس الشارع، ولذلك أن القاموس (1) والمجمع (2) جعلاها معروفة، فكل ما يسمى في العرف بئرا - تسمية حقيقية - فقد لحقه أحكام البئر، وإن شك في التسمية لشبهة في المصداق أو الصدق فإن دخل في مسمى الجاري لحقه حكمه، وإلا فيعتبر في انفعاله وعدم انفعاله ما هو معتبر في الواقف من الكرية وعدمها.
وربما يعرف البئر كما عن الشهيد في شرح الإرشاد: " بأنها مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا، و لا يخرج عن مسماها عرفا، " (3) و عن الأردبيلي: " أنه مجمع ماء تحت الأرض، ذي نبع بحيث يصعب الوصول إليه غالبا عرفا، وعلى حسب العادة " (4).
وعن المحقق الشيخ علي الاعتراض عليه: " بأن القيد الأخير موجب لإجمال التعريف، لأن العرف الواقع لا يظهر أي عرف هو؟ أعرف زمانه (صلى الله عليه وآله) أم عرف غيره؟
وعلى الثاني، فيراد العرف العام، أو الأعم منه ومن الخاص؟
مع أنه يشكل إرادة عرف غيره (صلى الله عليه وآله) وإلا لزم تغير الحكم بتغيير التسمية فيثبت في العين حكم البئر لو سميت باسمه، وبطلانه ظاهر.