التعليل بقوله: " أكلت النار ما فيه " لعدم تحقق الاستحالة، وقد قام الإجماع على أن النار (1) إنما تطهر ما أحالته دون غيره، فكان ذلك دفعا للاستخباث والاستقذار.
وفيه أولا: احتمال ابتناء الجواب على إبداء احتمال كون وقوع الميتة في الماء الذي أخذ منه للعجين مسبوقا بالأخذ، وثانيا: صلوح إطلاقه للتقييد، وثالثا: وروده في مقام ضرب من التقية، ورابعا: عدم صلوحه لمعارضة ما تقدم.
ومنها: رواية علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الماء الساكن والاستنجاء منه؟ فقال (عليه السلام): " توضأ من الجانب الآخر، ولا توضأ من جانب الجيفة " (2)، ورواها الصدوق أيضا مرسلة (3).
وفيه: أن طريق الجواب يقضي بكون الماء المسؤول عنه بمحضر من الإمام و مرئى منه، حيث إنه تعرض لذكر الجيفة وفصل بين جانبي الماء وهي غير مذكورة في السؤال، وقضية ذلك أن لا يكون للماء المسؤول عنه إطلاق يصلح للاستناد إليه؛ لقوة احتمال كونه كرا وما زاد، وقد علم به الإمام بالمشاهدة.
ومع الغض عن هذا الاحتمال فليست الرواية إلا من باب حكايات الأحوال، فترمى بالإجمال ويخرج عن صلاحية الاستدلال، ويجري هذا المجرى في جميع ما ذكرناه موثقة سماعة قال: سألته عن الرجل يمر بالميتة في الماء؟ قال: " يتوضأ من الناحية التي ليس فيها الميتة " (4)، وعلى الإطلاق فيهما فهو قابل للتقييد بما تقدم.
ومنها: رواية محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لو أن ميزابين سالا، ميزاب ببول وميزاب بماء، فاختلطا، ثم أصابك ما كان به بأس " (5).
وفيه: أن ظاهر الرواية ورودها في ماء المطر وهو خارج عن المتنازع، ولو كان فيها إطلاق بالقياس إلى حال التقاطر وعدمها فليحمل عليها جمعا، مع ما فيها من قصور السند وعدم صلاحية المعارضة لما سبق.