سمن، وتوضأ منه وتشرب، ولكن لا تشرب فيها " (1).
وفيه: - بعد عدم مقاومتها لما تقدم - ما لا يخفى من أمارات الكذب والتقية، فإنها مبنية على ما صارت إليه العامة من طهر جلود الميتة بالدباغ، فتكون خارجة مخرج التقية، كما يشهد به السياق الجامع للماء واللبن والسمن، مع أنه لا خلاف في انفعال غير الماء بالنجاسة.
ومنها: رواية علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن رجل رعف فامتخط، فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا، فأصاب إناءه هل يصلح له الوضوء منه؟
فقال (عليه السلام): " إن لم يكن شئ يستبين فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه " (2).
وفيه: مع أن النهي في الشق الثاني مما يكشف عن الانفعال فتكون من أدلة القول به في الجملة، منع الدلالة على المطلب لما قدمناه في بحث التغير من أن أقصى ما فيه الدلالة على إصابة الدم الإناء وهو غير إصابته الماء، ولعل السؤال وارد لاستعلام أن ذلك هل يصلح أمارة على إصابته الماء فيترتب عليها الحكم عليه بالانفعال المانع عن الوضوء؟ فخرج الجواب مخرج التفصيل الموافق لمفاد قولهم: " الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر " (3)، فالاستبانة وعدمها كنايتان عن العلم بالإصابة وعدمه، ويعطيان إناطة الحكم بالنجاسة بالعلم دون غيره.
ومما يفصح عن ذلك ورود السؤال بعد ذلك عن صورة العلم بالإصابة بقوله:
وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ، فقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال:
" لا "، وعلى فرض تسليم الدلالة ينهض دليلا على ما فصله الشيخ لا على عدم الانفعال مطلقا، ومع الغض عن جميع ذلك فعدم مقاومته لما تقدم كما سبق.
ومنها: مرسلة ابن أبي عمير عمن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في عجين عجن وخبز، ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة؟ قال: " لا بأس، أكلت النار ما فيه " (4)؛ فإن السؤال بإطلاقه يتناول القليل الراكد أيضا، وإطلاق نفي البأس يدل على عدم انفعاله، ولا ينافيه