الأمر سواء علم بها أو بخلافها المكلف أو لم يعلم بهما، فتعليق خلافها على العلم بالقذارة قرينة واضحة على عدم إرادة هذا المعنى جزما، ولو اريد بها إعطاء حكم ظاهري فمن شأنه التعليق على العلم بالخلاف، وهو الظاهر من الخبر فحينئذ يخرج عن إفادة عدم الانفعال رأسا، لكونه في صدد بيان حكم لصورة الاشتباه، وإفادة أن النجاسة إنما يحكم بها مع العلم بها خاصة، فيكون جاريا مجرى أدلة البراءة المعلقة على العلم بالتكليف، وهو مما لا دخل فيه لعدم الانفعال بالعارض بحسب الواقع أصلا.
فإن قلت: قضية ذلك دخول القليل الملاقي للنجاسة في موضوع هذا الحكم وهو الاشتباه، ومعه يحكم عليه بالطهارة وهو المطلوب.
قلت: مع أنه لا يلائم أصل المسألة المفروضة لمعرفة الحكم الواقعي، يدفعه: أنه إنما يتجه مع عدم قيام ما يرفع الاشتباه في خصوص المورد، والأخبار المقامة على الانفعال من النصوص والظواهر رافعة له، وواردة على هذا الخبر باقتضائها الخروج عن الموضوع، فلا معارضة بينه وبينها على ما هو الحال في سائر الأدلة المعلقة على الجهل والاشتباه في مقابلة الاجتهاديات الواردة عليها.
مع أنه لو سلمنا أن الخبر ورد في مقام إعطاء الحكم الواقعي، فمفاده لا يزيد على كون الطبيعة المائية ملزومة للطهارة من باب المقتضي، وهو لا ينافي مصادفة ما يوجب ارتفاعها كما يرشد إليه تعليق القذارة على العلم بها، ولولا الماء بطبعه قابلا لعروض النجاسة لعرى ذلك عن الفائدة بالمرة، وبطل به قاعدة التغير القائمة على حكم النجاسة.
فنقول حينئذ: إن القذارة المستندة إلى العلم بها لابد لها من مورد والقليل الملاقي للنجاسة منه بحكم الأخبار الواردة فيه، كما أن منه المتغير بالنجاسة، ولا ينافيه كونها في الخبر معلقة على العلم، لأن الأخبار المذكورة علم شرعي.
لا يقال: إن العلم حقيقة في الواقعي، فلا يشمل ما ذكر لكونه معنى مجازيا للعلم.
لأن ذلك إنما في موضع عدم نهوض ما يصرفه عن ظاهره من القرائن، ولا ريب أن أدلة حجية أخبار الآحاد صارفة له عن ذلك، وحاكمة على هذا الخبر بكشفها عن كون المراد بالعلم ما يعم الشرعي، وإلا أشكل الحال بالقياس إلى التغير، حيث إن أدلته ليست إلا الأخبار، ودعوى: أن أخبار التغير مفيدة للعلم الواقعي لكثرتها والإجماع على