كما يرشد إليه التفصيل بين الاضطرار وغيره، بناء على إرادة التقية منه بقرينة أنه لولاه مع فرض عدم الانفعال لما كان لمنعه عن التوضي في صورة عدم الاضطرار وجه، سواء كان تحريميا أو تنريهيا كما لا يخفى.
وعلى القول بطهارتهم كانت الرواية من أدلته فكانت خارجة عن المتنازع.
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الثوب يصيبه البول؟ قال (عليه السلام): " إغسله في المركن مرتين، فإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة " (1)، و " المركن " على ما عن الجوهري الإجانة التي تغسل فيها الثياب.
وفيه أولا: منع تعرض الرواية لبيان حكم الماء من حيث إنه ينفعل أو لا ينفعل، وإنما هي مسوقة لبيان حكم البول من حيث الاكتفاء بغسل الثوب عنه مرة واحدة إذا غسل في الجاري ولزوم التعدد إذا غسل في غيره، وذكر " المركن " إنما هو من باب المثال فتكون حينئذ من أدلة القول بعدم اشتراط ورود الماء في إزالة النجاسة كما عن جماعة، ولا ينافيه دلالتها التزاما - من باب الإشارة - على عدم الانفعال، لجواز كونه حكما خاصا بالمورد أثبته الشارع تعبدا، فتكون من أدلة القول بعدم نجاسة الغسالة كما عليه غير واحد.
مع اتجاه المنع إلى الدلالة على ذلك رأسا، لجواز انفعاله وطهر المغسول بالانفصال على ما وجهناه سابقا، مع ورود النقض بذلك في كافة أنواع إزالة الخبث إذا كانت بالقليل، فلولا الحكم تعبديا - على القول بانفعال القليل بالملاقاة - لشق الأمر على العباد في تطهير المتنجسات، مع إمكان القول بأن أقصاها الدلالة على أن ملاقاة المتنجس لا توجب الانفعال، ولعل القائل بانفعاله بالنجاسة لا يقول به في المتنجس، وعلى فرضه يكون الدليل أخص من المدعى.
وثانيا: أنها لا تقاوم ما قدمناه من النصوص والظواهر المعتبرة المعتضدة بأنواع المرجحات.
ومنها: الرواية المروية عن الفقيه عن الصادق (عليه السلام) عن جلود الميتة، يجعل فيها اللبن والماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال: " لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو