قد يكون لفظا فكذلك قد يكون عقلا قاطعا، وما قررناه في وجه استحالة شمول المنطوق للطاهر ليس إلا عقلا قاطعا قام في المقام وكشف عن حقيقة المراد، وإلا فاللفظ بما هو هو - أي مع قطع النظر عن ذلك - صالح للشمول جزما، فيكون خروجه المذكور عن المنطوق من باب التخصيص، ويتبعه في ذلك المفهوم ويكون مخصصا بخروج ما ذكر، ويبقى الباقي ومنه المتنجس؛ إذ لا استحالة في كونه مرادا في المنطوق فيكون كذلك في المفهوم؛ إذ لا مخرج له من عقل ولا نقل.
لا يقال: إن العام بالقياس إليه مجمل إذ لا ريب - على ما اعترفت به - في ورود تخصيص عليه، والقدر المتيقن مما يشمله المخصص إنما هو الطاهر، كما أن القدر المتيقن مما يشمله العام إنما هو نفس النجاسة، وأما المتنجس فيبقى مترددا بين كونه مشمولا للعام أو المخصص، ومعه لا معنى للتمسك بالعموم بالنسبة إليه.
لأنا نقول: بمنع كون هذا النوع من التردد موجبا لإجمال العام، وإنما هو في الشبهة المصداقية أو المفهومية بالقياس إلى مسمى موضوع المخصص، والمقام ليس بشئ منهما، بل التردد المذكور فيه ابتدائي ينشأ من احتمال زيادة التخصيص، فيرتفع بملاحظة ظهور اللفظ نوعا، وأصالة عدم الزيادة في التخصيص.
ولو سلم عدم ارتفاعه فليس بقادح في جواز التمسك بالعام، لكون اعتبار ظواهر الألفاظ ثابتا بالنوع، وكون قلة التخصيص أولى من كثرته - حيثما دار الأمر بينهما - باب معروف متسالم عليه عندهم، فلا وجه للمناقشة في العموم.
وأما ثانيا: فلأن قذارة اليد الواردة في أكثر روايات الباب الموجبة للانفعال تشمل ما لو كانت متنجسة، وحملها على ما لو كانت العين باقية فيها بعيد عن الانفعال (1) وينفيه ترك الاستفصال.
ودعوى: ظهور " القذر " في العين، يدفعها: ما في صحيحة البزنطي " عن الرجل يدخل يده في الإناء وهي قذرة " (2) وما في قوية أبي بصير " إذا كانت يده قذرة فأهرقه " (3).