الهندي في شرح القواعد (1) عن الناصريات (2) والانتصار (3) والغنية (4) والخلاف (5)، وقوة احتمال التقية فيما يقابله من المناطيق لموافقته مذهب أكثر العامة كما عرفت في صدر المسألة، مع ما عرفت من أن جملة من الأخبار المقابلة إنما تدل على مطلب الخصم مفهوما، كما في موثقة سماعة ورواية دعائم الإسلام، فالمعارضة حينئذ وإن كانت بين المفهومين إلا أن الأول يقدم لكونه خاصا فيخصص به الثاني لكونه عاما كما لا يخفى.
وأما لو قابلناها بالنوع الأول والبواقي من مفاهيم النوع الثالث، فطريق العلاج من وجوه:
أحدها: أن يقال: إن أكثر أخبار هذين النوعين بين صريحة وظاهرة فيما دون الكر، فيخصص بها ما يعمه والكر أيضا، ولا يتطرق إليها المناقشة المذكورة وأما المناقشة في دلالة الأوامر والنواهي الواردة فيها قد عرفت ما فيها، مع ما عرفت في طي الاستدلال بها من قيام الدلالة بها من غير هذه الجهة، مضافا إلى ما عرفت في جملة منها من الأمر بالتيمم الذي لا يصح بإجماع الفرقة إلا مع تعذر المائية عقلا أو شرعا، مع أن الأمر بناء على ابتناء تمامية الدلالة على كونهما مرادا بهما الوجوب والتحريم - كما هو المشهور في وجه الاستدلال، واعترف به الخصم أيضا - دائر بين المجاز والتخصيص، أو التقييد، ومن المقرر في محله أولوية الأخيرين.
وثانيها: أن يقال: إن النسبة بين الطرفين من الأخبار هو التباين، بناء على الإغماض عما قررناه في الوجه السابق، فيرجح أخبار الانفعال، إما لأنها أظهر دلالة - كما يساعد عليه الإنصاف - أو اعتضادها من المرجحات الخارجية بما يكشف عن اعتبار دلالتها من الشهرة ونقل الإجماع وعدم تطرق احتمال التقية أو ضعفه فيها، أو لأنها لما دلت بعمومها على انفعال الكر أيضا بمجرد الملاقاة فتخصص بما دونه بالإجماع، ومنطوق " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " الوارد في المستفيض من الأخبار، فيرجع التعارض إلى تعارض العام والخاص المطلقين، وقضية ذلك نهوض تلك الأخبار مخصصة لأخبار الطرف المقابل، فيحمل الحكم الوارد فيها على الكر ويخرج عنها ما دونه.