قال: وقال أبو جعفر (عليه السلام): " إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ إلا أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء " (1).
ورواية الأحول - المحكية عن الصدوق في العلل - قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: سل عما شئت فارتجت علي المسائل فقال لي: " سل عما بدا لك، فقلت: جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به؟ فقال: لا بأس، فسكت فقال:
أو تدري ولم صار لا بأس به؟ فقلت: لا والله جعلت فداك، فقال: إن الماء أكثر من القذر " (2).
بناء على ما تقدم إليه الإشارة من حجية العلة المنصوصة المقتضية للعموم.
والرواية المحكية عن كتاب دعائم الإسلام عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه قال: " إذا مر الجنب في الماء وفيه الجيفة أو الميتة، فإن كان قد تغير لذلك طعمه أو ريحه أو لونه فلا يشرب منه، ولا يتوضأ ولا يتطهر منه " (3).
ولا يخفى أن دفع هذه الأخبار هين بعد المراجعة إلى أخبار الانفعال، لكونها عمومات قابلة للتخصيص أو غيره من أنواع التأويل، فلو قابلناها بالنوع الأول من أخبار الانفعال فلا ينبغي التأمل في تعين تخصيصها بها، لدلالتها الصريحة على الانفعال فيما دون الكر بالخصوص، حيث تضمنت فضل الكلب كما في خبر الفضل بن أبي العباس، أو سؤره كما في خبر معاوية بن شريح، الظاهرين بل الصريحين فيما دون الكر، أوحب من الماء كما في خبر أبي بصير، نظرا إلى أن الحب لا يكون إلا أنه يسع ما دون الكر أو الغالب فيه هو ذلك، ونظيره الكلام فيما لو قابلناها من أخبار النوع الثالث بما تضمن قوله " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " كما في أربعة أو خمسة من أخبار هذا النوع.
ودعوى: أن ذلك مفهوم وهو لا يصلح معارضا للمنطوق، قد عرفت ما فيه من صلوحه لذلك، وتقدمه فيما بين الظواهر على ظاهر العام أو المطلق حيثما وردا في كلامين منفصلين، مع اعتضاد المفهوم هنا بوجوه من الخارج كالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع، ونقل الإجماعات في حد الاستفاضة، التي منها: ما في محكي الفاضل