فتيمموا، وقوله: وأنزلنا من السماء ماء طهورا، فبين سبحانه أن الماء المطلق يطهر وسؤر ما ذكرناه ينطلق عليه اسم الماء وإنما يخرج من هذا الظاهر ما أخرجه دليل قاطع. وقد ألحق أصحابنا بالنجاسات عرق الإبل الجلالة، وعرق الجنب إذا أجنب من الحرام.
فصل وأما ما به تفعل الطهارة فثلاثة أشياء: الماء والتراب والأحجار أو ما يقوم مقامها على ما قدمناه في الاستنجاء، فكل ماء استحق إطلاق هذا الاسم عليه ولم تخالطه نجاسة فإنه طاهر مطهر بلا خلاف، فإن خالطته وكان راكدا كثيرا ليس من مياه الآبار أو جاريا قليلا كان أو كثيرا ولم يتغير بها أحد أوصافه من لون أو طعم أو رائحة فإنه طاهر مطهر أيضا بلا خلاف إلا في مقدار الكثير، ويدل على ذلك أيضا بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهورا، لأن مخالطة النجاسة للماء الجاري أو الكثير الراكد إذا لم يتغير أحد أوصافه لا يخرجه عن استحقاق إطلاق هذا الاسم والوصف معا عليه، وإذا كان كذلك وجب العمل بالظاهر إلا بدليل قاطع.
فإن تغير أحد أوصاف هذا الماء فهو نجس بلا خلاف، فإن كان الماء راكدا قليلا أو من مياه الآبار - قليلا كان أو كثيرا تغير بالنجاسة أحد أوصافه أو لم يتغير فهو نجس بدليل إجماع الطائفة وظاهر قوله تعالى: ويحرم عليهم الخبائث، وقوله: والرجز فاهجر، وقوله: حرمت عليكم الميتة، لأنه يقتضي تحريم استعمال الماء المخالط للنجاسة مطلقا من غير اعتبار بالكثرة وتغير أحد الأوصاف، وإنما يخرج من ذلك ما أخرجه دليل قاطع.
وحد الكثير ما بلغ كرا أو زاد عليه، وحد الكر وزنا ألف ومائتا رطل، وحده مساحة لموضعه ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثله عمقا بالإجماع، ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله ص: إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا واختلف أصحابنا في الأرطال، فمنهم من قال عراقية، ومنهم من قال مدنية والأول أظهر في الروايات، والثاني تقتضيه طريقة الاحتياط لأن الرطل المدني أزيد من العراقي.
فأما مياه الآبار فإنها تنجس بكل ما يقع فيها من النجاسات قليلا كان ماؤها أو.