النجس لملاقاة الماء الطاهر، بل هومن جهة دلالة الشرع عليه بأنحائها المختلفة من الصراحة والظهور، منطوقا ومفهوما وسياقا ونحو ذلك، وعليه يكون ذلك هو الباعث على الأولوية، وليس مثله موجودا في جانب العكس؛ لاعتراف الخصم بأن كل ما فيه من الأخبار لا يكون إلا عمومات أو مطلقات، ولا ريب أن الاولى قابلة للتخصيص والثانية للتقييد.
وأما ما في العلاوة الاخرى: من أن الله تعالى جعل الماء مزيلا للنجاسة، إن اريد به ما هو الحال في غسل الثياب وغيرها من المتنجسات القابلة للتطهير، ففيه: أنه حكم خاص تعبدي أثبته الدليل في مورده الخاص به فلا يقاس عليه غيره، ما لم يكن هناك مناط معلوم أو أولوية قطعية أو عرفية، وإن اريد به ما يكون كذلك مطلقا حتى بالقياس إلى المتنازع فيه فهو أول المسألة كما لا يخفى، فيكون التعويل عليه مصادرة بينة.
وعن المحدث الكاشاني الذاهب إلى عدم انفعال القليل بملاقاة النجاسة الاحتجاج بوجوه:
أولها: ما رواه السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الماء يطهر ولا يطهر " (1).
حيث قال - في الوافي في شرح الحديث -: " إنما لا يطهر لأنه إن غلب على النجاسة حتى استهلكت فيه طهرها ولم ينجس حتى يحتاج إلى التطهير، وإن غلبت عليه النجاسة حتى استهلك فيها صار في حكم تلك النجاسة ولم يقبل التطهير إلا بالاستهلاك في الماء الطاهر، وحينئذ لم يبق منه شئ " (2) انتهى.
ومحصل الاحتجاج: أن النفي في السالبة إنما هو من جهة انتفاء الموضوع، وذلك من جهة أن الماء إما يستهلك فلا ماء، أو يوجب الاستهلاك فلا ينجس، فليس له حالة يكون فيها باقيا على صدق اسم المائية عليه وهو نجس، حتى يحتاج إلى تطهير يصدق عليه أنه تطهير للماء، وهذا المعنى مما يستفاد من النفي فيكون دليلا على أن الماء بما هو ماء لا ينجس.
وفيه: مع تطرق القدح في السند كما لا يخفى، منع دلالته على ما ذكر، كيف وأنه