الشرعية في تلك اللفظة، بل نقول: بأن لفظ " النجاسة " كلفظ " الطهارة " باق على معناه الأصلي اللغوي وهو القذارة قبالا للنظافة، غير أن المعلوم من طريقة الشارع أن مصداق النجاسة بهذا المعنى في نظر الشارع غير ما هو مصداقها في نظر العرف، فإنهم يروه صفة ظاهرية يعرض الماء وغيره من الألوان المكروهة والأرياح النتنة و الطعوم المستقبحة، والشارع يراه صفة معنوية تعرض الماء وغيره وتوجب المنع عن الاستعمال، فإذا علمنا من طريقة الشارع، اعتبار هذا المعنى في مصداق النجاسة في سائر الموارد يجب علينا اعتباره في كل موضع لم يقم قرينة على خلافه والمقام منه.
هذا مضافا إلى أن احتمال الاستقذار والاستكراه العرفيين ليس مما ينبغي تنزيل كلام الشارع إليه، من حيث إن بيان أمثال ذلك ليس من وظيفته، بل اللائق بشأنه وبمنصب الإمامة إنما هو بيان النجاسة بالمعنى الشرعي.
ودعوى: كون بيان غيره لأجل التنبيه على كراهة الاستعمال، يدفعها: منع الكراهة بمجرد ملاقاة النجاسة من دون انفعال، لعدم قيام الدلالة عليه شرعا، ومجرد الاحتمال غير كاف في نهوضها، ولا يعارض الدلالة المعتبرة القائمة بإرادة المعنى الشرعي.
وعن وجهه الثاني: بمنع المعارضة أولا، ومنع كون الرجحان في جانب المعارض ثانيا، بل الرجحان في جانب روايات الباب لقوة دلالتها في أنفسها لما فيها من الصراحة والظهور منطوقا ومفهوما، واعتضادها بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع، ولا مرجح في جانب المعارض، لكون الأصل والاستصحاب غير صالحين للترجيح، كما ذكرناه مرارا ولا منافاة لعموم ما دل على طهارة الماء حتى يعلم أنه قذر، لدخول المقام في غاية هذا العام، بناء على أن العلم المأخوذ فيه غاية أعم من الشرعي، والأخبار المقامة على النجاسة علم شرعي.
فيبقى إعراض الأصحاب عن العمل بالأخبار المعارضة مع كثرتها على ما توهمه الذاهب إليها موهنا فيها، كاشفا عن قصور فيها سندا أو دلالة أو هما معا، وتمام الكلام في منع نهوضها دليلا على عدم الانفعال، يأتي عند ذكر الاحتجاج بها.
وعن السادس: بمنع كون قضية المفهوم كما ذكر، بل هو قضية معقولة لو عبر عنها باللفظ لعبر بقولنا: " إذا لم يكن الماء قدر كر ينجسه كل شئ من النجاسات " وتحقيق