والجواب عن ذلك: بمنع الصغرى والكبرى معا.
أما الأول: فلأن التنافي الذي بينهما على تقدير كونهما في وقت واحد، إن اريد به ما يكون كذلك في الظاهر والواقع فالملازمة ممنوعة؛ ضرورة: أن العام إنما يقتضي العموم معلقا على عدم ورود ما يكشف عن عدم اعتبار المتكلم لعمومه وهو الخاص، ومعه لا اقتضاء فيه للعموم واقعا، فلا تنافي بينه وبين الخاص المخالف له واقعا، كما يشهد به العرف والاعتبار من غير فرق في ذلك بين ورودهما في وقت واحد أو في وقتين مع تأخر الخاص أو تقدمه - كما قرر في محله - بل الواجب في الجميع حمل العام على الخاص، وجعل الخاص بيانا له وقرينة كاشفة عما أراده المتكلم منه.
وإن اريد به ما يكون كذلك في الظاهر فقط فهو غير قادح في الحمل بل شرطه المحقق له، ولا يقتضي العدول منه إلى النسخ ليعتبر فيه العلم بالتاريخ وتأخر الناسخ عن المنسوخ، كيف ولو صلح ذلك مانعا لجرى في احتمال النسخ أيضا، ولكن بالنسبة إلى الأزمان من حيث إن الناسخ في الحقيقة بيان لانتهاء الحكم، وقد اقتضى دليل الأصل بظاهر إطلاقه أو عمومه دوامه واستمراره، كما هو من شرائط النسخ المقررة في محله.
وأما الثاني: فلأن النسخ بعد انقطاع الوحي مما لا معنى له، ومع الغض عن ذلك فانقطاع اليد عن التعويل على أحد الخبرين - لعدم إمكان معرفة الناسخ من المنسوخ - موجب لانقطاع اليد عن عموم الكتاب أيضا، بناء على ما عليه بعض المحققين من جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، فإذا احتمل عمومات الأخبار لكونها منسوخة بمقيد أخبار الكر كان ذلك الاحتمال قائما في الكتاب الدال على طهارة الماء مطلقا، بل لا يعقل فيه البقاء على العموم مع كون ذلك الحكم في الواقع منسوخا، وقضية ذلك عدم جواز التعويل على الكتاب أيضا، بل قضية إناطة التوقف بالنسبة إلى النوعين من الأخبار بالجهل بالمتأخر أن لا يتوقف في منسوخية الكتاب؛ لتأخر الخبر المقيد عنه لا محالة، ومعه يتعين عمومات الأخبار؛ لكونها منسوخة حذرا عن تعدد النسخ كما لا يخفى، وقضية ذلك تعين العمل على المقيد وهو المطلوب.
وأما ما ذكره في العلاوة، ففيه: أن المصير إلى نجاسة الماء الطاهر بمخالطته للنجاسة ليس لمجرد التشهي وهوى النفس، ليتوجه إليه منع كونه أولى من المصير إلى طهارة