وأغمضنا عما أوردناه في دفعها وإبطالها في محله.
وبالجملة: فكل من هاتين المناقشتين مما لا وقع له في خصوص المقام، بعد ملاحظة ما قررناه في توجيه الاستدلال.
وعن الثاني: بمنع كون المعلق على وصف الطهارة وجوب الاستعمال - بناء على ما قررناه من عدم كون أمثال هذه الأوامر مرادا منها الوجوب - بل المراد منها الإرشاد إلى الطهارة وتعريفها، وإن كان المستعمل فيه هو تجويز الاستعمال، فيكون المعلق على الوصف المذكور هو الأمر بهذا المعنى، واللازم من ذلك انتفاء الجواز عند انتفائه، ويكون ذلك إرشاد إلى النجاسة بالملاقاة وتعريفها وهو المطلوب.
وعن الثالث: بمنع إطلاق القول بكون نفي البأس مرادا منه نفي الحرمة والكراهة، بل يختلف مفاده في استعمالات الشارع بحسب اختلاف الموارد حسبما يشهد به الانسباق العرفي المقرون بقرينة المقام، فيراد به في موضع توهم الحرمة نفي الحرمة، وفي موضع توهم الكراهة نفي الكراهة، وفي موضع توهم فساد المعاملة نفي جهة الفساد، وفي موضع توهم بطلان العبادة نفي الجهة المقتضية له، وفي موضع توهم النجاسة نفي النجاسة، وإنما يعلم ذلك الاختلاف بملاحظة الأسئلة الواردة في الروايات، فإن كل سؤال يرد في موضع توهم شئ مما ذكر ويرد الجواب على طبقه، فيراد من نفي البأس حينئذ نفي ما توهمه السائل ليكون الجواب مطابقا للسؤال، ولا ريب أن الظاهر من الأسئلة الواردة في باب المياه كونها في موضع توهم النجاسة، فيكون نفي البأس الوارد في أجوبتها مرادا به نفي النجاسة، وقضية ذلك كون المراد بالبأس في جانب المفهوم إثبات النجاسة وهو المطلوب.
وعن الرابع: بالمنع عن دعوى عدم حجية المفهوم، بل المحقق الثابت في محله هو الحجية، غير أنه قد عرفت في المقام عدم إمكان المصير إلى المعنى الحقيقي لقيام صارف عنه، ولكنه لا يقدح في نهوض الدلالة من جهة اخرى على المطلوب وإن كانت مجازية، وهي مع قيام القرينة القاضية بالتعيين مما يجب المصير إليها، وقد تبين القرينة التي مفادها مطابق لمفاد المعنى الحقيقي بالقياس إلى أصل المطلب.
وعن الخامس: فعن وجهه الأول: بمنع ابتناء ثبوت المطلب على ثبوت الحقيقة