له في المختلف، بل حكى عن ابن أبي عقيل الاحتجاج بأنه: " قد تواتر عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) " أن الماء طاهر لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته "، ولأنه سئل (عليه السلام) عن الماء النقيع والغدير وأشباههما، فيه الجيف والقذر، وولوغ الكلاب ويشرب منه الدواب وتبول فيه أيتوضأ منه؟ فقال: لسائله: " إن كان ما فيه من النجاسة غالبا على الماء فلا تتوضأ منه، وإن كان الماء غالبا على النجاسة فتوضأ منه واغتسل " (1).
وروي عنه (عليه السلام) في طريق مكة أن بعض مواليه استقى له من بئر دلوا من ماء فخرج فيه فأرتان، فقال: " أرقه "، فاستقى آخر فخرج فيه فأرة فقال: " أرقه ثم استقى دلوا آخر فلم يخرج فيه شئ فقال له: صبه في الإناء فتوضأ واغتسل منه وشرب " (2).
وسئل الباقر (عليه السلام) عن القربة، والجرة من الماء سقط فيهما فأرة أو جرذ أو غيره فيموتون فيها، فقال (عليه السلام): " إذا غلب رائحته على طعم الماء أو لونه فأرقه، وإن لم يغلب عليه فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية " (3).
وذكر بعض علماء الشيعة: أنه كان بالمدينة رجل يدخل إلى أبي جعفر محمد ابن علي (عليهما السلام)، وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيفة وكان يأمر الغلام يحمل كوزا من ماء يغسل رجليه إذا خاضه فأبصرني يوما أبو جعفر (عليه السلام) فقال: " إن هذا لا يصيب شيئا إلا طهره فلا تعد منه غسلا " (4).
وهذه الأحاديث عامة في القليل والكثير، والأخبار الدالة على الكثير مقيدة، ولا يجوز أن يكونا في وقت واحد للتنافي بينهما، بل أحدهما سابق، فالمتأخر يكون ناسخا والمتأخر هنا مجهول، فلا يجوز العمل بأحد الخبرين دون الآخر، ويبقى التعويل على الكتاب الدال على طهارة الماء مطلقا، وأيضا ليس القول بنجاسة الماء الطاهر بمخالطته للنجاسة بأولى من القول بطهارة النجس لملاقاته الماء الطاهر، مع أن الله تعالى جعل الماء مزيلا للنجاسة " (5).