وقال الفخر الرازي:
(الحجة الثانية) على جواز نكاح المتعة أن الأمة مجمعة أن نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ولا خلاف بين أحد من الأمة فيه: إنما الخلاف في طريان الناسخ فنقول:
لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ، إما أن يكون معلوما بالتواتر، أو بالآحاد، فإن كان معلوما بالتواتر كان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه وسلم وذلك يوجب تكفيرهم وهو باطل قطعا، ولأن كان ثابتا بالآحاد فهذا أيضا باطل، لأنه لما كان إباحة المتعة معلوما بالإجماع، والتواتر، كان ثبوته معلوما قطعا فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رفعا للمقطوع، وإنه باطل.
قالوا: ومما يدل على بطلان القول بهذا النسخ أن أكثر الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وأكثر الروايات أنه عليه السلام أباح المتعة في حجة الوداع، وفي يوم الفتح، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر، وذلك يدل على فساد ما روي أنه عليه السلام نسخ المتعة يوم خيبر، لأن الناسخ يمتنع تقدمه على المنسوخ، وقول من يقول: إنه حصل التحصيل مرارا، والنسخ مرارا ضعيف لم يقل به أحد من المعتبرين، إلا الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات (1).