الدليل على التعليل المزبور.
وصحيح معاوية (1) عن الصادق عليه السلام المتقدم - الذي فيه " لا يصلح له أن يحدث في ماله إلا الأكلة من الطعام " مع أن الموجود في سؤاله " المملوك الذي كاتب على نفسه وماله " المحتمل لكون المراد منه اشتراط عدم التصرف بماله - إنما يراد منه المنع من التصرفات التبرعية كالهبة والعتق ونحوهما، لا مطلق التصرف حتى الاكتسابي منه الذي هو من لوازم عقد الكتابة ومقتضيات إطلاقها. ولذا قال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير (2) السابق في المسألة المزبورة في المكاتب المشروط:
" لا يجوز له عتق ولا هبة، ولكن يبيع ويشتري ".
بل لعل المستفاد منه ومن غيره أن رفع الحجر عن المكاتب في تصرفاته الاكتسابية شرعي لا مالكي كي يلاحظ إذن السيد فيه وجودا وعدما، كالعامل الذي هو وكيل عن المالك، بل لا عبرة بنهي المالك للمكاتب عن تصرفه الاكتسابي فضلا عن اعتبار إذنه بخلاف العامل.
كما أن المستفاد من قوله عليه السلام فيه: " يبيع ويشتري " الإذن له في التكسب الجاري مجرى تكسب العقلاء في النقد والنسيئة والقراض والإجارة بالنقد وبغيره والسلم وغيرها، من غير فرق بين ما كان فيه خطر أو لا، وبين أخذ الرهن والكفيل أو لا، إذ المدار على التكسب المزبور مكانا وزمانا وأحوالا، بل الظاهر جواز التصرف له بماله بما لا مفسدة فيه للمال ولا حاجة إلى ملاحظة الغبطة، فله بيع الشئ بثمن مثله وغير ذلك.
وبالجملة ما ذكروه من التقييدات المزبورة التي هي أشد منها في ولي الطفل لا أعرف له دليلا سوى دعوى كون المكاتب لم يخرج بالكتابة عن الرقية التي مقتضاها الحجر عليه، وأنه كل على مولاه لا يقدر على شئ، وأقصى ما خرج عن ذلك بسبب الكتابة ما اشتمل على القيود المزبورة دون غيره الذي يكفي في مثله الشك فيه.