آخر قولا واحدا، ولأنه لو كانت بيعا لثبت المال في ذمته وعتق في الحال، كما لو أعتق على مال، إلى غير ذلك مما لا يخفى من المنافيات لاندراجها في البيع حقيقة.
مضافا إلى صحة السلب وتغاير المفهوم عرفا وإطلاق الاسم عليها في بعض النصوص لضرب من المجاز لا يقتضي اندراجها فيه حقيقة وإلا لكان الصلح أولى بذلك، ضرورة كثرة إطلاق البيع والشراء على موارده، فليس حينئذ الاطلاق المزبور إلا على وجه التشبيه البليغ لا الحقيقة.
ومن هنا قال الشيخ: الكتابة تفارق البيع من وجوه: (أحدها) أن الكتابة لا بد فيها من أجل والبيع لا يفتقر إليه، و (منها) أن الكتابة يمتد فيها خيار العبد والبيع لا يمتد فيه خيار الشرط، و (منها) أن للبائع أن يشترط لنفسه الخيار، وليس للسيد أن يشترط، ويتفقان في أن الأجل فيهما لا بد أن يكون معلوما، ولا يصح كل واحد منهما إلا بعوض معلوم، وإن كان الاختلاف المزبور لا ينافي كونها من البيع حقيقة، إذ الأجل على تقدير اعتباره يكون فيها كاعتباره في السلم من البيع الذي قيل فيه بعدم اعتباره فيه، نحو ما تسمعه فيها أيضا، وامتداد خيار العبد على القول به كامتداد خيار المجلس بامتداده، وخيار الشرط باشتراطه مدة مديدة، واشتراط الخيار لنفسه فيها ستعرف الكلام فيه إنشاء الله، إنما العمدة ما ذكرناه من ثبوت تغاير مفهومها مع مفهومه عرفا.
وحينئذ (فلو باعه نفسه بثمن مؤجل لم يصح) كتابة، لما عرفت من عدم كونها من أفراده وإلا لصح وإن لم يقصدها كما يصح البيع في مورد السلم سلما وإن لم يقصده سلما.
وما عن المبسوط - من جواز وقوعها بلفظ البيع لإفادة المراد وإن قلنا إنها ليس بيعا - مبني على جواز استعمال اللفظ مجازا في العقد كما ذكرنا قوته غير مرة، ولا ينافي ذلك مناسبتها له في المفهوم أو مبني على جواز ذلك بيعا لا كتابة،