والثاني: لا يجوز لأنه لا يجوز أن يأخذ عوض ما لم يغرمه فإذا [أ] قبضه لم يملكه وكانت الألف في يده مضمونة لأنه قبضها ببدل فاسد، وعلى الوجه الأول الذي قالوا يملك كان ملكه مراعا فإن قضاه كانت الألف عوضا عنها ولم يملك (1) حق الرجوع، وإن أبرأه المضمون له لزمه ردها على المضمون عنه كما إذا عجل الزكاة ثم تلف النصاب قبل الحول.
إذا ادعى رجل على رجل أنه اشترى منه عبدا هو وشريكه فلان بن فلان الغائب بألف درهم، وضمن كل واحد منهما عن صاحبه ما لزمه من نصف الألف بإذنه وطالب الحاضر بالألف فإنه ليس له عندنا إلا مطالبته بما انتقل إليه من نصيب شريكه لأن ما يخصه منه قد انتقل عنه إلى شريكه بإقراره، ومن قال: بالتخيير قال: لا يخلو من أن يعترف بذلك أو ينكره فإن اعترف بذلك لزمه الألف فإذا دفع إليه ثم قدم الغائب فإن صدقه رجع عليه بالنصف، وإن كذبه كان القول قوله مع يمينه فإذا حلف برئ، وإن أنكره الحاضر لم يخل المدعي من أحد أمرين:
إما أن يكون له بينة أو لا بينة له. فإن لم يكن له بينة كان القول قول الحاضر المدعى عليه مع يمينه فإن حلف برئ فإن قدم الغائب وأنكر حلف أيضا وبرئ، وإن أقر الغائب لزمه نصف الألف وهو الذي كان عليه والنصف الآخر فقد برئ منه لأن الأصل قد برئ باليمين، وإذا برئ الأصل برئ الفرع وهو الضامن عنه، وإن كان له بينة وأقامها حكم الحاكم عليه بالألف درهم فإذا قبضه منه ثم قدم الغائب لم يرجع عليه لأنه لما أنكر وكذب المدعي اعترف بأنه لا حق له على الغائب، وإنما شهدت به البينة زور وبهتان، وإن ما قبض منه ظلم فلا يجوز أن يرجع به على الغائب.
فإذا ثبت هذا فإن أقر الحاضر، وأقام المدعي البينة عليه، وهو مقر به ويجوز سماع البينة في هذه المسألة مع اعتراف الحاضر له ثبت المال على الغائب