والذرية فإنهم يصيرون مماليك بنفس السبي، أما من أشكل بلوغه فإن كان أنبت الشعر الخشن حول الذكر حكم ببلوغه، وإن لم ينبت ذلك جعل في جملة الذرية لأن سعدا حكم في بني قريظة بهذا فأجازه النبي (صلى الله عليه وآله) وأما من لم يشكل أمر بلوغه فإن كان أسر قبل تقضي القتال فالإمام فيه بالخيار بين القتل وقطع الأيدي والأرجل ويتركهم حتى ينزفوا إلا أن يسلموا فيسقط ذلك عنهم، وإن كان الأسر بعد انقضاء الحرب كان الإمام مخيرا بين الفداء والمن والاسترقاق، وليس له قتلهم أي هذه الثلاثة رأى صلاحا وحظا للمسلمين فعله، وإن أسلموا لم يسقط عنهم هذه الأحكام الثلاثة وإنما يسقط عنهم القتل لا غير، وقد قيل: إنه إن أسلم سقط عنه الاسترقاق لأن عقيلا أسلم بعد الأسر (1) ففاداه النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يسترقه.
فإن أسر وله زوجة فإنما على الزوجية ما لم يخير الإمام الاسترقاق فإن من عليه أو فادى به عاد إلى زوجته، وإن اختار استرقاقه انفسخ النكاح، وإن كان الأسير صبيا أو امرأة مزوجة فإن النكاح ينفسخ بنفس الأسر لأنهما صارا رقيقين، وإن أسر رجل بالغ فإن كان من أهل الكتاب أو ممن له شبهة كتاب فالإمام مخير فيه على ما مضى بين الثلاثة أشياء، وإن كان من عبدة الأوثان فإن الإمام مخير فيه بين المفاداة والمن، وسقط الاسترقاق لأنه لا يقر على دينه بالجزية كالمرتد. فإن فادى رجلا وأخذ المال كان ذلك غنيمة ولا يكون مخيرا في الفداء كما يكون مخيرا في الاسترقاق لأن ذلك ربما كان مصلحة وليس في ترك المال مصلحة. فإن أسر رجل من المشركين فقتله مسلم قبل أن يختار الإمام شيئا مما ذكرناه كان هدرا ولا يجب عليه الدية، ومتى أسلموا قبل الإسار فهم أحرار عصموا دماءهم وأموالهم إلا لحقها وسواء أحيط بهم في مضيق أو حصن الباب واحد.
وقد بينا أنه متى حدث الرق في الزوجين أو أحدهما انفسخ النكاح بينهما وذلك يكون عند حيازة الغنيمة وجمعها. فالنساء ترقون بنفس الاحتياز، والرجل يرقون