(وأما الرضاع فلا يجب على الأم إرضاع الولد) بلا خلاف أجد فيه بيننا للأصل، ولظاهر قوله تعالى (1) " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وقوله تعالى (2): " وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " وقوله تعالى (3): " لا تضار والدة بولدها " الشامل لاضرارها بالاجبار على إرضاعه لو كان واجبا، ولخبر سليمان بن داود (4) قال: " سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرضاع، قال: لا تجبر المرأة على إرضاع الولد: وتجبر أم الولد ".
نعم في المسالك وغيرها " أن عدم وجوب إرضاع الولد على الأم مشروط بوجود الأب أو وجود مال للولد ووجود مرضعة سواها وقدرته على دفع الأجرة إليها أو تبرعها، وإلا وجب عليها إرضاعه، كما يجب عليها الانفاق عليه حيث يكون مفقودا أو معسرا " وفي الرياض " المعروف من مذهب الأصحاب بل كاد يكون إجماعا منهم أنه لا تجبر الأم الحرة ولا مملوكة الغير على إرضاع ولدها إلا إذا لم يكن للولد مرضعة أخرى سواها، أو كانت ولم يتمكن لعدم وجود الأب أو إعساره أو عدم تمكنه منه مع عدم مال للولد يمكن به إرضاعه من غيرها، فيجب عليها بلا خلاف، لوجوب إنفاقها عليه في هاتين الصورتين ".
قلت: المراد من نحو عبارة المصنف عدم وجوب الارضاع على الأم من حيث كونها أما، فالتقييد المزبور في غير محله، ضرورة وجوب الارضاع عليها مع الانحصار إنما هو من حيث حفظ النفس المحترمة كغير الأم مع فرض الانحصار فيها، على أن الظاهر عدم سقوط الأجرة من الأب الموسر أو مال الطفل في هذه الصورة، ولا يجب إنفاقها عليه، فلا وجوب عليها حينئذ في هذه الصورة من حيث كونها أما، وأما الصورة الثانية فلا يجب عليها إرضاعها إياه، إذ أقصاه وجوب