لعل المتجه حينئذ ما سمعته من أبي حنيفة من الرضا خاصة أو الفسخ والرجوع إلى مهر المثل، والله العالم.
(وإذا تزوجها بمهر سرا وبآخر جهرا كان لها الأول) عندنا، سواء كان هو الزائد أو الناقص، بلا خلاف ولا إشكال إذا كان قد أوقع العقد معها بمهر معين سرا ضرورة كون الثاني لغوا فلا يفيد شيئا، نعم عن بعض العامة الخلاف في ذلك، ولهم فيه تنزيلات مختلفة لا تنطبق على الأصول والضوابط الشرعية، وإن كان المراد بذلك الاتفاق على ذكر ألفين مثلا ظاهرا وعلى الاكتفاء بألف باطنا في عقد واحد بأن يتواطئا على إرادة الألف بعبارة الألفين.
ففي المسالك " فيه وجهان مبنيان على أن اللغات هل هي توقيفية أو اصطلاحية؟ وعلى أن الاصطلاح الخاص يؤثر في الاصطلاح العام وبغيره أم لا؟ فعلى الأول يفسخ المهر، لأن الألف غير ملفوظة، والألفين غير مقصودة، ولم تقع عبارة عنا لمباينتها لها، وينتقل إلى مهر المثل، وعلى الثاني يحتمل الصحة، ويكون المهر الألف لاصطلاحهما عليه، وكون الألفين بوقوع العقد عليه باتفاقهما، والوضع العام لا يتغير، وهذا الاحتمال يجري أيضا على الأول، وقطع في المبسوط بوقوع ما يلفظانه، ولا يلتفت إلى ما اتفقا عليه سرا، محتجا بأن العقد وقع صحيحا سرا كان أو علانية، وفيه نظر يعلم مما قررناه - إلى أن قال - وهذه الصورة لم يتعرض لها من أصحابنا غير الشيخ، وكانت أحق بالبحث من الأولى لدقة مدركها وخفاء حكمها " قلت: عدم تعرض الأصحاب لوضوحها، ضرورة اعتبار الألفاظ بسبب دلالتها على إرداة اللافظ مدلولها، فمع فرض العلم بعدم إرادتهما المعنى من اللفظ لا جهة لالتزامهما بمعناه، ولا مدخلية لتوقيفية اللغات واصطلاحيتها في ذلك، إذ مع تسليم الأول إنما يكون ذلك على سبيل الغلط في اللغة منهما، ولا يعتبر فيما عدا صيغة النكاح من مهر وغيره الجريان على القانون العربي. ولعله إلى ذلك أشار الباقر عليه السلام في خبر زرارة (1) في " رجل أسر صداقا وأعلن أكثر منه فقال: هو الذي أسر،