ترجيح أحد السببين على الآخر بلا مرجح، ودعوى ترجيح الثاني - بتقدم بعض سبب الملك وهو البذل وإن كان لا يتم إلا بتمام الطلاق وإلا فهو نفسه غير مملك - كما ترى، اللهم إلا أن يقال إنه يبطل خلعا ويصح طلاقا كما في كل مقام يظهر فيه فساد الخلع، فيكون ذلك ليس لتقديم أحدهما على الآخر مما تواردا عليه، بل لأن ازدحامها يبطل تأثيرهما، فيفسد ما كان البذل ركنا فيه وهو الخلع، بخلاف الطلاق الذي لا مدخلية له في ذلك، فتأمل جيدا، والله العالم.
المسألة (الخامسة) (إذا أعطاها عوضا عن المهر عبدا آبقا وشيئا آخر ثم طلقها قبل الدخول كان له الرجوع بنصف المسمى) الذي هو المفروض (دون العوض) بلا خلاف ولا إشكال، قال الفضيل بن يسار (1) " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تزوج امرأة بألف درهم فأعطاها عبدا آبقا وبردا حبرة بالألف التي أصدقها، فقال: إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس، إذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد، قلت: فإن طلقها قبل أن يدخل بها، قال: لا مهر لها، وترد عليه خمسمأة درهم، ويكون العبد لها " ولعل ذكر الضمينة مع الآبق قرينة على إرادة وقوع ذلك معها على جهة البيع أو أن الدفع للآبق وفاء يعتبر فيه ما يعتبر في البيع من اعتبار الضميمة فيه.
وعلى كل حال فالثابت بالطلاق نصف المسمى دون المدفوع وفاء إلا إذا كان فردا للكلي الذي وقع عليه العقد، فإنه باعتبار حلول الكلي فيه يكون هو المفروض، بل الظاهر أنه لو دفعه إليها معيبا ورضيت به وطلقها قبل الدخول كان له نصف المعيب، لكونه المفروض دون الصحيح، مع احتماله، لأنه المفروض، ولذا كان لها الامتناع عن قبض المعيب وفاء، ورضاها بالعيب لا يصيره المفروض المنصرف