فلا محيص حينئذ عن القول بوجوبها بارتفاعه وإن لم يعلم به، فهو حينئذ كالردة على هذا القول، بل قد يقال بذلك أيضا على القول الآخر بناء على توقف حصول التمكين على العلم به، ضرورة أنه وإن قلنا بأن إسلامها يكشف عن بقاء الزوجية السابقة، إلا أنه مع فرض عدم العلم به لا يصدق معه كونها ممكنة، ودعوى عود الزوجية المصاحبة للتمكين السابق واضحة المنع، على أن التمكين السابق بعد أن تعقبته الردة التي لا يعلم ارتفاعها غير مجد في حصول التمكين الفعلي الذي هو السبب في وجوب الانفاق، فتأمل جيدا، فإن منه أيضا يظهر لك الحال في المانعين الحاصلين في غيبته، وأن المتجه عدم سقوط النفقة بهما معا من غير فرق بين الردة والنشوز، وذلك لعدم صدق فوات التمكين المفروض استصحابه ومقارنته للواقع وإن تخلل في أثنائه ما كان يحتاج إلى العلم بارتفاعه في تحقق التمكين لو كان قد علم به، نعم لا بأس بالقول بسقوط النفقة زمان التخلل، لانتفاء التمكين الذي هو سبب أو شرط في النفقة، بل هو كالعوض عنها، والله العالم.
المسألة (الرابعة:) (إذا ادعت) المطلقة (البائن أنها حامل صرفت النفقة إليها يوما فيوما) جوزا أو وجوبا، لأن ابتداءه لا يعلم إلا من قبلها، فلو لم يجب الانفاق عليها بادعائها لزم الحرج بحبسها عليه من غير انفاق، مع نهيهن عن كتمان ما خلق الله في أرحامهن (1) والأمر بالانفاق على أولات الأحمال (2) مع كون المرجع فيه غالبا إلى ادعائهن، ولأن ذلك جمع بين حقها وحقه المنجبر بالرجوع عليها لو تبين عدمه، والعكس ينافيه الاضرار بها مع حاجتها إلى النفقة، أو مطلقا لو قلنا:
إن النفقة للحمل الذي لا تقضي نفقته باعتبار كونه من الأرحام.