هو أمر طبيعي لا يختلف بظهور الانفصال وعدمه، خصوصا مع تهيؤ النطفة للانعقاد، بل تكون الولد في الأنثى لا يكاد يتحقق معه الخروج إلى خارج، بل عن المفسرين أن المراد بقوله تعالى (1) " بلغوا النكاح " شهوة النكاح والوطئ والقدرة على الانزال، بل قد عرفت سابقا أن البلوغ من موضوعات الأحكام الشرعية التي مرجعها العرف و العادة، ومثل هذا لا شك في كونه بالغا فيهما، وإنما يتعين الرجوع إلى الشرع في تحديد الموضوعات مع الشك، دون اليقين الذي قد عرفت حصوله في المقام، وقد أومأنا سابقا إلى أن البلوغ حال في الانسان بل مطلق الحيوان يخرج بها من حد الطفولية إلى غيرها، وأنها ينبعث عنها خروج المني ونحوه، وإن لم يجعل خروج المني علامة على سبقه، لاحتمال مقارنة خروجه لتلك الحالة، فالمدار عليها لا عليه، فمتى علم حصولها تحقق البلوغ وإن لم يحصل الخروج الحسى.
لكن في عبارات الأصحاب اشتباه على غير المحصل، إذ المصنف والفاضل وغير هما قيدوا خروج المني بكونه من الموضع المعتاد، وقال ثاني الشهيدين: " إنما اعتبر ذلك مع اطلاق الأدلة لوجوب حمل كلام الشارع على ما هو المعهود المتعارف، خصوصا وفي بعضها بلوغ النكاح، وإنما يكون من المعتاد، فلو خرج من جرح ونحوه لم يعتد به، والجميع موهم اعتبار ذلك فيه كالغسل " لكن قد عرفت التحقيق فلاحظ وتأمل كما أنه قد يتوهم من المتن ونحوه اعتبار تكون الولد منه، فلا عبره بالذي لا يتكون منه.
بل في المسالك نسبة هذا الفهم من العبارة إلى جماعة قال: " وفي حاشية الشهيد على القواعد نقلا عن بعض العلماء يعلم المني الذي منه الولد مما ليس منه بأن يوضع في الماء فإن طفي فليس، وإن رسب فمنه الولد، " ولا يخفى عليك فساد هذا التوهم ضرورة كون المعتبرة مطلق خروج المني، للاطلاق فتكون الصفة في عبارة المتن وغيره كاشفة باعتبار إرادة المنشأية، فلا يقدح تخلف التكون من بعض الأفراد بل لعل المراد التخلف من صنفه فلا يقدح عدمه في بعض الأشخاص كما هو واضح لا يحتاج