غيره بغير فهم، وبين مشتغل بالحديث. والمشتغلون بالحديث قوم قضوا حياتهم متعبدين للأسانيد ومنصرفين عن دراسة المتون، ولا يهمهم إن كانت هذه المتون صحيحة أو غير صحيحة، معقولة أو غير معقولة، ومن أجل ذلك وصفوهم بالجمود وحق عليهم هذا النبز على مد العصور، لا يختلف في ذلك أحد (1) وقد جمع العجاج هذا بين الصفتين معا، فهو كما عرف عنه مقلد في دينه، واعترف بعد ذلك بأنه مشتغل في السنة وعلومها (2).
ولقد كان أول شئ بدا من كتابه أنه يضرب على نغمة شيوخه التي لا يملونها ولا ينزعون عنها، ولا يحسنون غيرها، حتى مجتها الاسماع، وأنفت منها الطباع، وسئمتها النفوس، وذلك أنهم يرمون كل من يتصدى لدراسة حياة الذين يتعبدون لهم ويجعلونهم من المعصومين، أو يمس شيئا مما ورثوه عن شيوخهم من علم بغير إدراك ولا فهم - يرمون من يقدم على ذلك بالمروق من الدين، وأنه متأثر بالمستشرقين أعداء الدين، لا يصدهم عن ذلك وازع من خلق، ولا رادع من دين.
وما كدت أفرغ من تلاوة هذا الكتاب حتى وجدته (يعج) بالخرافات والمتناقضات والمفتريات والمغالطات، وأن جامعه يتشبث بالأدلة الواهية، والاخبار الباطلة ليغطي بها على الحقائق الثابتة، بله ما فيه من العبارات النابية التي لا يخلو منها كتاب من كتبهم.
ومما أذهلني وأذهل كل مسلم غيور على دينه أن يجعلوا أبا هريرة (راوية الاسلام (3).