وهذا لعمرك تناقض صارخ مشوب بالكذب والبهتان، لان أحدا لم يقل بهذا أبدا، ولا ادعاه أبو هريرة فيما يدعيه لنفسه! ولم يكتف العجاج بذلك التخرص بل زاد فقال " وحدث عن رسول الله وأفتى " أي أن إرساله إلى البحرين إنما كان لينشر الاسلام، ويفقه المسلمين أو يعلمهم أمور دينهم! وإنه كان يحدث الناس ويفتيهم! يا لها من مفتريات يدفع بعضها في قفا بعض!
وبينما يتورط العجاج في هذه المفتريات التي يفتجرها بغير حياء ولا خجل إذ به ينقلب فيناقض نفسه مناقضة أخرى مخجلة حتى فيما افتجره وافتراه، فيقول في صفحة 160: " إن أبا هريرة وابن عباس وابن عمر، وجماعة معهم كانوا يفتون بالمدينة ويحدثون من لدن توفى عثمان إلى أن توفوا "، ومعنى ذلك أن أبا هريرة لم يستطع أن يفتح فاه بكلمة في الفتوى والحديث إلى أن توفى عثمان، ثم يؤكد ذلك باعتراف آخر ذكره في الصفحة 165 ومن كتابه، إذ يقول: " ولم ينقل أن أحدا من الخلفاء أو الامراء ولى أبا هريرة قضاء المدينة أو غيرها ".
ولأن العجاج قد أصيب بداء الافتراض، غير داء التناقض والافتراء، فإنه بعد ذلك كله يأتي بافتراض بايخ فيقول بغير خجل في صفحة 335: " إنا لم نعلم أنه ولى القضاء لاحد، ومع هذا لابد أنه نظر في بعض القضايا حينما ولى البحرين وإمارة المدينة " وفاته أن يبين أن إمارته للمدينة كانت بأمر من معاوية عندما بحث بسر بن أرطأة لينكل بأهل المدينة ويستبيحها، ولما فعل فعلاته بها وتركها استخلف عليها أبا هريرة، ولما أتاها جارية بن قدامة السعدي من قبل الخليفة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولى أبو هريرة هاربا من وجه جارية فقال جارية كلمته المشهورة المحفوظة: " لو وجدت أبا سنور لقتلته ".
ولا أدرى ماذا يقول الذين يضللون التاريخ ويقولون: إن أبا هريرة اعتزل السياسة، وقد صرح بذلك العجاج بصفحة 112.
ومن مفتريات العجاج أن يقول عن أبي هريرة " إنه شهد مع النبي جميع غزواته " (ص 115 من كتابه)، ولم يكتف بذلك بل قال في صفحة 222 إنه اشترك في حروب الردة!!
وقد فندنا ذلك كله من قبل في كتابنا هذا وتحديناه هو وشيوخه