ومن وراء ذلك كله (دكاترة! بوزارة الثقافة) - قد ساعدوا بعلمهم الواسع على إظهاره وزينوا لهذه الوزارة أن تجعل (أبا هريرة) في حلقة من سلسلة (أعلام العرب!!) التي تنشرها لتفاخر بها سائر الأمم في الشرق والغرب!
وفى سبيل ذلك تنفق ما تنفق من جهد ومال (1).
فكتاب هذا شأنه، حشدت له كل هذه القوى، وظفر من العناية بما لم يظفر به كتاب آخر، يصح أن نمنحه شيئا من العناية وأن نخالف معه السنة التي اتخذناها مع جميع الذين انتقدونا من قبل حتى مع هذا العجاج في كتاب آخر له قيل إنه انتقدنا فيه.
من أجل ذلك رأيت (برغمي) أن أخالف طريقتي التي اتبعتها مع سائر الذين انتقدونا من قبل وأن ألقى على هذا الكتاب نظرة عابرة، أعرض فيها لبعض ما فيه بالبحث العلمي النزيه لأكشف عن معارف هؤلاء الذين اشتركوا في هذا الكتاب تأليفا ومراجعة وإخراجا، من غير أن أخشى في ذلك أحدا، إذ ليس عندي كبير في العلم إلا بعلمه وفضله، ولا اعتبار لدى للألقاب الرسمية ولا للمؤهلات الدراسية - وإنما قيمة المرء بما يحسن، وبما يعمل من عمل صالح.
وسأقتصر في كلامي على أمثلة قليلة من هذا الكتاب يستدل بها على غيرها، حتى لا نقع في التطويل، والناس اليوم يؤثرون الايجاز، وخير الكلام ما قل ودل!
لقد طفح هذا الكتاب بأكاذيب وخرافات وأساطير، كان أهمها قصة الطفيل بن عمرو الدوسي، التي أرادوا بها إثبات إسلام أبي هريرة من أول البعثة وهو في بلاده اليمن رغم اعتراف أبي هريرة نفسه، وإطباق كل المؤرخين الثقات على أن إسلامه كان بعد الانتهاء من موقعة خيبر سنة 7 ه.
وها نحن أولاء نذكر نبأ هذه الخرافة - كما نشروها - ثم نقف على ذلك ببيان حقيقة أمرها ومن الذي وضعها.