ما استطاعوا من قوة، حتى بدت طلائعه في دعاية عريضة على صفحات الصحف من قبل وزارة الارشاد تنبئ بظهور هذا المولود السعيد؟! وما كدت أتناوله بين يدي وأتبين معارفه ومغابنه حتى رأيته مشوه الخلق هزيلا - يصدق عليه المثل العربي القديم - تمخض الجبل فولد فأرة - وإن كان قد بدا للناس في ثوب مزركش..
ولو أنت تدبرت هذا الكتاب في مجموعه وأحكمت ذلك بعقل راجح وأمعنت فيه بنظر غير مدخول، لوجدت الحشد والاجتلاب قد شاعا فيه من كل جانب وأنه قد ضم ما ضم " حبل الحاطب " مما لا يفيد العلم أو النقد في شئ!!
تناولت هذا الكاتب وأنا أظن أنه قد روعي فيه الأسلوب العلمي النزيه، واتبع فيه أصول النقد الحديث، وأنه قد آن لمؤلفيه أن يتحرروا من إصر الجمود، وأن يميطوا عن عقولهم غطاء التقليد، حتى يكون نقدهم أدنى إلى الصواب، وأقرب إلى الحق - ولكن وا أسفا فإني ما كدت أقرأ مقدمته حتى ألفيته من جنس ما سبقه من الكتب (شكلا وموضوعا.) وكأننا نكلف هؤلاء القوم ضد طباعهم إذا نحن حاولنا أن نطلب منهم أن يلتزموا جادة البحث العلمي الخالص، وأن يقرعوا الحجة بالحجة، ويدفعوا الدليل بالدليل، ذلك بأنهم جميعا بين مقلد (1) ليس له رأى مستقل، ولا عقل مستدل، وإنما ينقل عن