وما دام الامر كذلك فأنت بالخيار تلقاء ما جاء في هذه الكتب تأخذ منها ما تأخذ. وتدع ما تدع، وليس عليك في الحالتين حرج أو جناح.
وإن لك لأسوة حسنة في أئمة المذاهب الدينية كأبي حنيفة والليث بن سعد ومالك والشافعي وغيرهم فلقد كان الواحد منهم يأخذ الحديث ويعمل به، ثم يأتي صاحبه فيترك هذا الحديث ويعمل بغيره - والكل على صواب فيما يأخذ وما يدع.
ولما ظهرت كتب السنة المشهورة لدى الجمهور لم يأخذ أئمة الفقه في جميع المذاهب بما جاء فيها، وظلوا متمسكين بأدلة مذاهبهم، حتى ولو كان فيها ما يخالف ما في هذه الكتب، وهم بعملهم لم يخرجوا من دينهم، وكذلك لم يتخذ كبار النحويين كسيبويه والخليل وغيرهما أحاديث النبي من الأدلة على اللغة في علمهم. وكل ذلك معروف مشهور. وقد فصلناه في كتابنا (أضواء على السنة المحمدية) (1).
وهناك طوائف كثيرة من المسلمين لا يعترفون بكتب السنة المشهورة، ولهم كتب في السنة والفقه خاصة بهم يتبعونها ويأخذون بها مثل الشيعة والزيدية وغيرهم والشيعة الامامية بخاصة " لا يعتبرون من الأحاديث إلا ما صح لهم من طرق أهل البيت عن جدهم. يعنى ما رواه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن الحسين السبط عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول الله سلام الله عليهم جميعا. أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب ومروان بن الحكم وعمران بن حطان وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس له عند الإمامية أي اعتبار (2) "، وهؤلاء الطوائف جميعا لا يمكن لاحد أن يطعن في دينهم.
أو يستريب في إيمانهم. لأنهم مستمسكون بأصول الاسلام ويؤمنون بمحمد (ص) والكتاب الذي جاء به - " ولكل قوم سنة وإمامها ".