أورد العجاج هذه الخرافة وكأنه ظن - وشيوخه معه - أنها خبر صحيح لا يجوز لاحد أن يدفعه أو يماري فيه، وهو في الحقيقة فضيحة مخزية، لا يصدقه إلا مدخول العقل، أو جهول لا يفهم.
ومن الحق علينا أن نبحث عن أصل هذه الخرافة، وأن نعرف من الذي وضعها. وكيف تلقفها أصحاب الاخبار والسير، فنشروها بين الناس في كتبهم، ثم جاء العجاج فنقلها عنهم!.
وقد أمعنا في بحثنا حتى وصلنا إلى مصدرها الذي وضعها وأخرجها من (كيسه) فإذا هو (الكلبي) الاخباري، صاغها فيما صاغه من الخرافات، ثم نقلت عنه، وانتشرت بين الناس.
وعلى أننا قد أوضحنا من قبل بما لا يدع للشك سبيلا (1) أن أبا هريرة وعمرو بن الطفيل لم يسلما إلا مع الدوسيين والأشعريين في سنة 7 ه بعد انتهاء موقعة خيبر فإنا نعيد هنا بعض الأدلة القوية التي استقيناها من أوثق المصادر التي تثبت ذلك وتؤيده، لعل من لا يفهم يفهم!
قال ابن سعد في الطبقات الكبرى (ص 78 ج 1): وقدم الدوسيون فيهم أبو هريرة وقدم الطفيل وقدم الأشعريون ورسول الله بخيبر فلحقوه بها فكلم رسول الله أصحابه فيهم أن يشركوهم في الغنيمة ففعلوا.
وقال المقريزي في إمتاع الاسماع (ص 326 ج 1): وقدم الدسيون فيهم أبو هريرة والطفيل بن عمرو وأصحابهم ونفر من الأشعريين فكلم رسول الله أصحابه فيهم أن يشركوهم في الغنيمة، فقالوا: نعم يا رسول الله، وقال ابن أبي حاتم في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ص 287 ج 3:
قدم الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وآله مع أبي هريرة بخيبر، وروى ابن سعد في الطبقات الكبيرة عن الطفيل: قال: فلم أزل بأرض دوس أدعوها - حتى هاجر رسول الله إلى المدينة، ومضى بدر وأحد والخندق ثم قدمت على رسول الله بمن أسلم من قومي ورسول الله بخيبر حتى نزلت المدينة