أن يتزوج بأم حبيبة وأن يتخذ معاوية كاتبا له. وغلطه في ذلك طائفة من الحافظ (1). وذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله قد تزوج بأم حبيبة وأبو سفيان كافر!
وبعد ذلك نعود لنتم القول فيما طلبه العلماء من التحفظ في الأحاديث التي تروى عن أبي هريرة فنقول.
إذا كان علماؤنا رحمهم الله، قد كشفوا عن إحدى النواحي التي تتسرب منها أحاديث أبي هريرة التي لا أصل لها، وهي ناحية كعب الأحبار اليهودي! فإن هناك نواحي أخرى قد سال سيلها، تلك هي البواعث النفسية التي كانت تسوق أبا هريرة بعصاها فيروي ما يروى ثم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله.
وإن من يستقرئ روايات أبي هريرة ويتدبرها، ويردها إلى أسبابها ومناسباتها فإنه يرى من خلالها حقيقة هذه البواعث التي كان يرسل من أجلها رواياته. ومن يحقق النظر في هذه المرويات ويتعمقها يجد أنها كانت تصدر عنه:
إما ارتجالا: يختلقها لساعته كحديث الورق المعلق، وحديث، أن يتبع الناس عثمان وأصحابه، عند الفتنة لأنه هو الأمين.
أو ابتداعا: لكي يصل إلى مبتغاه، من تحقيق مآربه الذاتية، ورغائبه النفسية، كما رأيت ذلك في أحاديث، بسط الثوب! والوعائين! والمزود!
التي مر بك نبؤها في قصته العجيبة.
أو يخرجها في صورة غرائب يستهوى بها الناس كحديث امتلاء جهنم!
وحديث طواف سليمان بمئة امرأة وغيرهما.
ولا ريب في أنه قد تأثر في رواية غرائبه بأستاذه الأكبر داهية اليهود كعب الأحبار. الذي كان يبث الغرائب الإسرائيلية بين المسلمين، لأنه يعرف كلف الناس بها وولوعهم بسماعها. ووجد أن شيخه لم يرتفع قدره بين الناس إلا بغرائبه فأراد أن يسلك سبيله ويتبع طريقته. وتأثر كذلك بوهب بن منبه الحبر اليهودي وروى عنه.