قيمة كتيب هذه الجماعة هذا بعض ما لاحظناه على كتيب هذه الجماعة، وإذا كان الشيخ عبد الحليم قد فال إن ما فيه هو من ثمار وتوجيه وبركات هذه الدار التي أنشأوها لخدمة الحديث وتحقيق أمره، وإنهم قد عرضوا هذه الباكورة، على الناس ليتذوقوها! فتبين لهم أن الفساد قد دب فيها - فالويل إذن للعلم وأهله مما تخرجه هذه الدار بعد ذلك من ثمار!
ولقد كان الأجدر بمشايخنا هؤلاء أن يعرفوا قدر أنفسهم ويحفظوا للعلم كرامته حتى لا يتورطوا في معالجة أمر هو من وراء علمهم، وفوق طاقتهم، ومن أجل ذلك جاء كتيبهم كغيره وليس فيه دراسة علمية تظهر خطأ أو تصحح غلطا، أو تعدل رأيا، وكذلك ليس فيه نقد موضوعي يقوم على المنهج العلمي الحديث - وإنما يحمل مثل ما يحمله غيره من السب والشتم، ورمى الناس بالتهم بغير رادع من دين، ولا زاجر من خلق كريم، مما أصبح بين الناس ممقوتا مرذولا، لا يستسيغه عالم، ولا يرضى به عاقل.
إن النقد العلمي الصحيح إنما يقوم على قرع الحجة بالحجة، ودفع الدليل بالدليل، وأن يكون ذلك في أسلوب عف وعبارة مهذبة، أما ما عدا ذلك فإنه يعتبر هراء وهذيانا، يرتد على صاحبه بالمقت ويرمى من أجله بالجهل والسفاهة والغباء.
ولتجدن الذين قابلونا بنقدهم، ليس فيهم عالم محقق، ولا بينهم ناقد بصير، وليس ذلك بغريب عليهم لأنهم جميعا قد جمعوا بين التقليد الديني، والجمود الفكري، والحشو الذهني، ومثل هؤلاء جميعا يجب أن يقابلوا بما يستحقون من الاهمال والاعراض، ومن أجل ذلك تركناهم في جهلهم يعمهون.
أما المقلدون فحسبك ما ذكره حافظ المغرب ابن عبد البر في وصفهم في كتابه (جامع بيان العلم وفضله) إذ يقول: قال عبيد الله بن المعتز:
لا فرق بين بهيمة تقاد وإنسان يقلد (1) وقال هو وغيره من كبار الأئمة: أجمع